عشرة دراهم ولا يملك، أو لا يكتسب إلا درهمين أو ثلاثة، ولا يشترط فيه الزمانة، ولا التعفف عن المسألى على الجديد، ولا يمنع الفقر مسكنه وثيابه ولو كانت للتجمل، ورقيقه الذي يحتاج إلى خدمته، وماله الغائب في مرحلتين والمؤجل، فيأخذ كفايته ألى حلوله، وكسب مباح لا يليق به.
ولو كان له مال يستغرقه الدين .. قال البغوي: لا يعطى حتى يصرفه في الدين.
قال السبكي: فلو اعتاد السكنى بالأجرة أو في المدرسة .. فالظاهر: خروجه عن اسنم الفقر بثمن المسكن، ولو اشتغل بعلم شرعي والكسب يمنعه .. ففقير، أو بالنوافل .. فلا، وكذا المعطل المعتكف في مدرسة، ومن لا يتأتى منه تحصيله مع القدرة على الكسب.
الثاني: المسكين، وهو الذي له مال أو كسب مباح لائق به يقع موقعاً من كفايته ولا يكفيه؛ كمن يملك أو يكتسب سبعة أو ثمانية ولا يكقته إلي عشرة؛ فهو أحسن حالاً من الفقير، واحتجو به بقوله تعالى:{أما السفينة فكانت لمسكين}، وبما روي من قوله صلى الله عليه وسلم:"اللهم؛ إحيني مسكناً، وأميي مسكيبا}، مع أنه كان يتعوذ من الفقر.
قال في "الروضة" كـ"أصلها": وسواء أكان ما يمكله نصاباً أو أقل أو أكثر، والمعتبر فيما يقع موقعاً من حاجته: المطعم والملبس والمسكن، وسائر ما لابد منه على ما يليق بالحال من غير إسراف ولا تقتير للشخص ولمن هو فى نفقته، والعبرة عند الجمهور في عدم كفايته بالغمر الغالب بناءً على أنه يعطى ذلك، وأما ما جزم به البغوي، وصححه ابن الصلاح في "فتاويه" والنووي في "فتاويه" الغير المشهورة، واستنبطه الإسنوي من كلامهم من أن العبرة بعدم كفايته بالسنة .. فإنما يأتي على قول من قال كالبغوي: أنه إنما يعطى كفاية سنة.
قال في "الروضة": قال الغزالي في "الإحياء": لو كان له كتب فقه .. لم تخرجه عن المسكنة، ولا تلزمه زكاة الفطر كأثاث البيت؛ لأنه محتاج إليها.
والكتاب يطلب إما للتفرج بالمطالعة؛ ككتب الشعر والتواريخ ونحوهما مما لا ينفع في الدارين .. فهذا يمنع المسكنة، وإما للتعليم للتكسب كالمؤدب والمدرس بأجرة أو للقيام بفرض .. فلا يمنع المسكنة، وأما للاستفادة كطب يعالج به نفسه، أو وعظ يتعظ به: فإن لم يكن في البلد طبيب وواعظ .. فكذلك، وإلا .. فمستغن عنه.