قال الغزالي: وكذا لو أتلفه، ولو عجز .. استرد منه، فإن كان تالفاً .. غرمه في الأصح، ويتعلق بذمته لا برقبته في الأصح، ولو دفعه إلى السيد وعجز ببقية النجوم .. ففي الاسترداد والغرم عند التلف الخلاف، ولو اقترض وأدى فعتق .. لم يعط من سهم الرقاب بل الغارمين؛ كما لو قال لعبده:(أنت حر على ألف) فقيل.
السادس: الغارم، وهو ثلاثة أنواع:
غارم استدان لنفسه لمباح- أي: غير معصية- من مؤنته ومؤنة عياله، كأكل وشرب وتزوج وهو عادم للمال؛ أي: عاجز عن وفاء دينه بما يزيد على كفايته، فإن لم يعجز عن وفائه بما يزيد عليها .. لم يعط؛ لأنه يأخذ لحاجته إلينا، فاعتبر عجزه كالمكاتب وابن السبيل، بخلاف الغارم للإصلاح كما سيأتي، فإنه يأخذ لحاجتنا إليه؛ لتسكين الفتنة.
فعلم أنه يعطى مع قدرته على وفاء دينه ببيع ملبوسه أو فراشه أو مركوبه أو خادمه المحتاج إليه، وأنه لو لم يملك شيئاً لكن يقدر على كسب يفي بدينه .. أعطي أيضاً كالمكاتب، ويفارق الفقير والمسكين؛ بأن حاجتهما إنما تتحقق بالتدريج، والكسوب يحصلها كل يوم، وحاجة المكاتب والغارم ناجزة؛ لثبوت الدين في ذمتهما والكسب لا يدفعها إلا بالتدريج غالباً.
وخرج بقوله:(من للمباح ادان): من استدان لمعصية؛ كأن اشترى به خمراً، أو صرفه في زناً أو قمار، أو إسراف في نفقة .. فلا يعطى، فإن تاب .. فوجهان، أصحهما: يعطى إذا غلب على الظن صدق توبته، وإن قصرت المدة كالخارج لمعصية إذا تاب وأراد الرجوع .. فإنه يعطى من سهم ابن السبيل.
قال الإمام: ولو استدان لمعصية ثم صرفه في مباح .. أعطي، وفي عكسه يعطى أيضاً إن عرف قصد الإباحة أو لا، لكنا لا نصدقه فيه، ولو كان الدين مؤجلاً .. فوجوه، أصحها: لا يعطى؛ لأنه غير محتاج إلى وفائه حينئذ، والفرق بينه وبين المكاتب: الاعتناء بالحرص على تعجيل العتق، وربما يعجز السيد مكاتبه عند الحلول.
وغارم استدان لإصلاح ذات البين؛ كتحمل دية قتيل، أو قيمة متلف تخاصم فيه قبيلتان أو شخصان فسكن الفتنة بذلك، فيعطى وإن كان غنياً ولو بالنقد على الصحيح؛ لعموم الآية،