ولأنا لو اعتبرنا الفقر .. لقلا الرغبة في هذه المكرمة، وحكم من استدان لعمارة مسجد أو قرى ضيف .. كالمستدين لمصلحة نفسه؛ كما قال السرخسي، وحكى الروياني: أنه يعطى مع الغنى بالعقار، قال: وهو الاختيار، ونقل الشيخان ذلك وأقراه، وجزم صاحب "الأنوار" بالأول، وصاحب "الروض" بالثاني.
وغارم للضمان لدين على غيره فيعطى مع بقائه عليه ما يقضيه به إن أعسر هو والأصيل، أو وجده وكان متبرعاً؛ لعدم رجوعه حينئذ على الأصيل، فإن أيسرا أو الضامن .. لم يعط، أو بالعكس. .أعطي الأصيل لا الضامن في الأصح.
فإن أدى الغارم الدين من ماله، أو بذل ماله ابتداء .. لم يعط، وإذا وفى الضامن من سهم الغارمين .. لا يرجع على الأصيل وإن ضمن بإذنه، وإنما يرجع إذا غرم من عنده.
قال الماوردي: فلو أخذ سهمه فلم يصرفه في دينه حتى أبراء منه، أو قضي عنه، أو قضاه من غير ما أخذه .. استرجع، إلا أن يقضيه من قرض .. فلا يسترجع؛ إذ لم يسقط عنه دينه، وإنما صار لآخر كالحوالة عليه، فلو أبراء منه أو قضاه من غير قرض فلم يسترجع منه ما أخذه، حتى لزمه دين صار به غارماً .. فوجهان: أحدهما: لا يسترجع منه؛ لأنه يجوز دفعه إليه، والثاني: يسترجع؛ لأنه صار كالمستسلف له قبل غرمه.
السابع: في سبيل الله، وهو غاز محتسب بغزوه بألا يأخذ شيئاً من الفيء فيعطى مع الغنى؛ لعموم الآية، أما المرتزق .. فلا يعطى شيئاً من الزكاة وإن لم يوجد ما يصرف له من الفيء، ويجب على المسلمين إعانته حينئذ.
الثامن: ابن السبيل، وهو معسر بما يوصله مقصده، أو موضع ماله، غريب مجتاز بمحل الزكاة؛ أي: أو منشاء سفر منه، فيعطى ولو كسوباً إذا كان سفره مباحاً، بخلاف سفر المعصية.
ومن طلب زكاة وعلم الإمام استحقاقه أو عدمه .. عمل بعمله، وإلا: فإن ادعى فقراً أو مسكنة أو أن نيته في الإسلام ضعيفة .. صدق.