ومن عرف له مال وادعى تلفه .. كلف البينة، وكذا من ادعى عيالاً في الأصح، ويعطى غاز وابن السبيل بقولهما، فإن لم يخرجا .. استرد، ويطالب عامل ومكاتب وغارم ببينة، وكذا مؤلف ادعى أنه شريف مطاع، والمراد بالبينة: إخبار عدلين، ويغني عنها الاستفاضة، وكذا تصديق المولى ورب الدين في الأصح.
ويعطى المكاتب والغارم قدر دينهما، أو ما عجزا عنه، والفقير والمسكين كفايتهما، فيعطى المحترف ما يشتري به آلة حرفته قلت أو كثرت، والتاجر رأس مال يفي ربحه بكفايته غالباً، ومن لا يحسن الكسب كفاية العمر الغالب لا سنة في الأصح .. فيعطى ما يشتري به عقاراً تكفيه غلته، وابن السبيل ما يوصله مقصده، أو موضع ماله من نفقة وكسوة يحتاجها لشتاء أو صيف، ومركوب إن كان ضعيفاً عن المشي أو السفر طويلاً، وما ينقل زاده ومتاعه إلا أن اعتاد مثله حمله بنفسه، فإن ضاق المال .. أعطي أجرة للمركوب، وإلا .. اشتري له، وإذا تم سفره .. استرد على الصحيح، ويعطى كذلك لرجوعه على الصحيح إن أراده ولا مال له بمقصده، ولا يعطى لمدة الإقامة إلا إقامة المسافرين.
ويعطى الغازي نفقته وكسوته، ونفقه عياله ذهاباً ورجوعاً وإقامة في الثغر وإن طالت، ويعطى هو ابن السبيل جميع المؤنة، وقيل: الزائد للسفر، وما يشتري به السلاح وآلة القتال، وكذا الفرس إن كان يقاتل فارساً ويصير ملكاً له، أو يستأجر له، ويختلف الحال بكثرة المال وقلته.
وأما ما يحمل عليه الزاد ومتاعه ويركبه في الطريق .. فكابن السبيل، وإنما يعطى إذا حضر وقت الخروج؛ ليهياء به أسباب سفره.
وإن مات في الطريق أو امتنع .. استرد ما بقي، وإن غزا ورجع وبقي منه بقية صالحة ولم يقتر على نفسه .. استردت، أو يسيره أو قتر .. فلا، وفي مثله في ابن السبيل يسترد مطلقاً.
ويتخير الإمام بين أن يدفع الفرس والسلاح إلى الغازي ملكاً، وبين أن يستأجر له مركوباً، وبين أن يشتري خيلاً من السهم ويقفها في سبيل الله تعالى ويعيرهم إياها عند الحاجة، فإذا انقضت .. استردت.
ويعطى المؤلف ما يراه الإمام، والعامل أجرة مثل عمله، فإن زاد سهم العاملين عليها .. رد الفاضل على بقية الأصناف، أو نقص عنها .. كمل من مال الزكاة على المذهب، ويجوز من سهم المصالح، بل للإمام جعل الإجرة كلها من بيت المال، ويقسم الزكاة على بقية الأصناف.