ويشترط أيضاً: كونه مختاراً، فلا يفطر بالأكل مكرهاً عليه وإن كثر كالناسي.
ويشترط أيضاً: قصده وصول العين جوفه؛ فلا يضر الإيجار والطعن في الجوف بلا اختيار وإن تمكن من دفع الطاعن على أقيس الوجهين في "المجموع" إذ لا فعل له، ولا وصول ذباب وغربلة دقيق، وغبار طريق؛ لعسر تجنبها، بل لو تعمد فتح فيه للغبار حتى وصل جوفه .. لم يضر على الأصح؛ لأنه معفو عن جنسه؛ نقله الشيخان عن البغوي وأفتى به النووي، قال في "المجموع" تبعاً للرافعي: وشبهوه بالخلاف في العفو عن دم البراغيث المقتولة عمداً. انتهى.
ولو خرجت مقعدة المبسور ثم عادت .. لم يفطر، وكذا إن أعادها على الأصح؛ لاضطراره إليه، كما لا يبطل طهر المستحاضة بخروج الدم؛ ذكره البغوي والخوارزمي.
والجوف المذكور؛ كالبطن، والدماغ، ثم المثن- بضم الميم والثاء المثلثة-: جمع مثانة بالمثلثة؛ وهي مجمع البول، ودبر، وباطن الأذن، ووصول العين إلى الأول يحصل بأكل أو شرب أو جائفة، وإلى الثاني باستعاط أو مأمومة أو دامغة، وإلى الثالث بالتقطير في الإحليل وإن لم يجاوز الحشفة، وإلى الرابع بحقنة أو نحوها، وإلى الخامس بنحو التقطير.
ويشترط أيضاً كونه عالماً بالتحريم؛ فلا يفطر بالأكل جاهل تحريمه؛ لقرب إسلامه أو نشأته ببادية بعيدة عن العلماء؛ كما في "الروضة" و"أصلها" و "المجموع"، وفي "الشرح الصغير": أنه كالناسي.
ولا يفطر ببلغ ريقه من معدنه؛ لأنه لا يمكن الاحتراز عنه؛ فلو خرج عن فمه لأعلى لسانه ثم رده إليه وابتلعه، أو بل خيطاً بريقه ورده إلى فمه كما يعتاد عند الفتل أو الغزل- وعليه رطوبة تنفصل وابتلعها، أو ابتلع ريقه مخلوطاً بغيره أو متنجساً .. أفطر.
ولو سبق ماء المضمضة أو الاستنشاق إلى جوفه من باطن أو دماغ .. فالمذهب: أنه إن بالغ .. أفطر؛ لأنه منهي عن المبالغة، وإن لم يبالغ .. لم يفطر؛ لأنه متولد من مأمور به بغير اختياره، ولو سبق من الرابعة مثلاً .. فنقلا عن البغوي أنه: إن بالغ .. أفطر، وإلا .. ترتب على الغسلة المشروعة، وأولى بالفطر، زاد النووي: المختار: الجزم بالفطر.