أبدلهما لو في التفاوت بمؤنة الحج .. فإنه يلزمه ذلك جزماً، ولا يلزم أن يأتي في النفيسين المألوفين الخلاف فيهما في الكفارة؛ لأن لها بدلاً، قاله في «الروضة» معترضاً به قول الرافعي: لا بد من عوده هنا. والأصح: أنه يلزمه صرف مال تجارته فيما ذكر، وفارق المسكن والرقيق؛ بأنه محتاج إليهما في الحال، وهذا يتخذ ذخيرة للمستقبل، ولو كان له مستغلات يحصل له منها نفقته .. لزمه بيعها وصرفها فيما ذكر في الأصح. ولا يلزم الفقيه بيع كتبه للحج في الأصح، إلا أن يكون له بكل كتاب نسختان، فيلزمه بيع إحداهما؛ لعدم حاجته إليها؛ ذكره في «المجموع». ولو ملك ما يمكنه به الحج واحتاج إلى النكاح لخوفه العنت .. فصرف المال إلى النكاح أهم؛ لأن الحاجة إليه ناجزة والحج على التراخي، وصرح الإمام بعدم وجوبه عليه، وصرح كثير من العراقيين وغيرهم بوجوبه، وصححه في «الروضة»، وعلله صاحب «الشامل» وغيره بأن النكاح من الملاذ فلا يمنع وجوب الحج. وخيل الجندي وسلاحه ككتب الفقيه. ويشترط أمن الطريق ظناً بحسب ما يليق به، فلو خاف في طريقه على نفسه أو ماله سبعاً أو عدواً أو رصدياً -وهو من يأخذ مالاً على المراصد- ولا طريق له سواه .. لم يجب عليه الحج وإن كان الرصدي يرضى بشيء يسير، ويكره بذل المال لهم؛ لأنه يحرضهم على التعرض للناس. نعم؛ إن كان الباذل هو الإمام أو نائبه .. وجب الحج؛ كما نقله المحب الطبري عن الإمام، وسواء أكان الذين يخافهم مسلمين أم كفاراً، لكن إن كانوا كفاراً وأطاقوا مقاومتهم .. استحب لهم أن يخرجوا للحج ويقاتلوهم؛ لينالوا ثواب الحج والجهاد، وإن كانوا مسلمين .. لم يستحب الخروج والقتال. ولو كان له طريق آخر آمن .. لزمه سلوكه وإن كان أبعد من الأول؛ إذا وجد ما يقطعه به.