قال في «المجموع»: وبما فعله من عمل العمرة يحصل التحلل الثاني، وأما الأول فيحصل بواحد من الحلق والطواف المتبوع بالسعي؛ لسقوط حكم الرمي بالفوات؛ فصار كمن رمى. ولا يحتاج إلى نية العمرة؛ كما أفهمه كلام الناظم. ويجب عليه القضاء للحج الذي فاته بفوات الوقوف تطوعا كان أو فرضاً؛ لخبر عمر الآتي، ولأنه لا يخلو عن تقصير كالمفسد، وبهذا فارق المحصر، وعبر في «الروضة» كـ «أصلها» و «المحرر»: بأن الفرض يبقى في ذمته، ثم القضاء على الفوز في الأصح. قوله:(مع دم) أي: مع وجوب دم في القضاء، والأصل في ذلك كله: ما رواه مالك رضي الله تعالى عنه في «الموطأ» بإسناد صحيح؛ كما قاله «المجموع»: (أن هبار بن الأسود جاء يوم النحر وعمر بن الخطاب ينحر هديه، فقال: يا أمير المؤمنين؛ أخطأنا العد وكنا نظن أن هذا اليوم يوم عرفة؛ فقال له عمر: اذهب إلى مكة فطف بالبيت أنت ومن معك، واسعوا بين الصفا والمروة، وانحروا هدياً إن كان معكم، ثم احلقوا أو قصروا ثم ارجعوا، فإذا كان عام قابل .. فحجوا وأهدوا، فمن لم يجد .. فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله)، واشتهر ذلك في الصحابة ولم ينكر. أما العمرة المفردة .. فلا يتصور فواتها بغير الموت.
[حكم المحصر عن الحج والعمرة]
الثالثة: المحصر عن إتمام حج أو عمرة أو قران؛ أي: منعه عن ذلك عدو من المسلمين أو الكفار من جميع الطرق .. يجوز له التحلل، والأفضل له تأخيره إن اتسع الوقت، وإلا .. فتعجيله. نعم؛ لو علم انكشافه في مدة الحج بحيث يمكن إدراكه، أو في العمرة إلى ثلاثة أيام .. لم يجز له التحلل، وكذا لو منع عن غير الأركان كالرمي والمبيت؛ لإمكان الجبر بالدم والتحلل بالطواف والحلق، وتجزئة عن حجة الإسلام.