أما إذا افترقا من المجلس عرفاً وطوعاً ببدنها لو نسياناً أو جهلاً .. فينقطع خيارهما؛ للخبر السابق. ويحصل التفرق بأن يفارق أحدهما الآخر من مجلس العقد وإن استمر الآخر فيه؛ لأن التفرق لا يتبعض, وكان ابن عمر_ رواي الخبر- إذا ابتاع شيئاً .. فارق صاحبه, رواه البخاري, وروى مسلم: قام يمشي هنيهة ثم رجع. ويعتبر في التفرق: العرف, فإن كانا في نحو دار صغيرة .. فبأن يخرج أحدهما منها يصعد السطح, أو كبيرة .. فبأن يخرج أحدهما من بيت إلى صحن أو عكسه, وإن كانا في صحراء أو سوق أو دار متفاحشة الاتساع وولى أحدهما الآخر ظهره ومشى قليلاً .. حصل التفرق, ولا يحصل بإرخاء ستر وبناء جدار؛ لأن المجلس باق, ولو تبايعا متباعدين .. فالأصح: ثبوت الخيار, أنه متى فارق أحدهما موضعه .. بطل خيارهما. قال في "الروضة": ولو تبايعا ببيتين من دار أو صحن وصفة .. ينبغي أن يكونا كالمتباعدين, ولو تبايعا بالمكاتبة وقبل المكتوب إليه .. فله خيار المجلس ما دام في مجلس القبول, ويتمادى خيار الكاتب إلى أن ينقطع خيار المكتوب إليه. وخرج بقوله:(طوعا) ما إذا افترقا إكراهاً لهما أو لأحدهما .. فإنه يبقى خيارهما, بخلاف الناسي والجاهل كما مر؛ لتقصيرهما, فلو فارق أحدهما مكرهاً .. لم يبطل خياره وإن لم يمنع من النطق بالفسخ؛ لأن فعل المكره كلا فعل, والسكوت عن الفسخ لا يبطل الخيار كم في المجلس. ولا يبطل خيار الماكث إن منع من الخروج معه, وإلا .. بطل. ولو هرب أحدهما ولم يتبعه الآخر: فإن كان مع التمكن .. بطل خيارهما, وإلا .. فخيار الهارب فقط؛ نقله الرافعي عن "التهذيب" وأقره, وأطلق جمع بطلان خيارهما, قال في "الروضة": وهو الأصح: ؛ لتمكنه من الفسخ بالقول, ولأن الهارب فارق مختاراً, بخلاف المكره فإنه لا فعل له.