موضعه, ومتى ثبت عجزه .. جاز الفسخ ولا يتوقف على بعث.
ولا فسخ بعجزه عن نفقة الموسرين والمتوسطين وكسوتهم؛ لأن واجبه الآن واجب المعسرين, ولا بعجزه عن ذلك للزمن الماضي؛ لتنزيله منزلة دين آخر.
واحترز الناظم بقوله: (قبل وطئها) عن إعساره بالمهر بعد وطئها فلا فسخ به؛ لتلف المعوض, بخلاف ما قبله, وهذا كبقاء المبيع بيد المفلس وتلفه, ولأن تمكينها قبل أخذ مهرها يدل على رضاها بذمته, وإذا لم يكن لها الامتناع بعد تسليم نفسها .. فلأن لا يكون لها الفسخ بعد ذلك أولى.
قال بعضهم: ومحل الفسخ بالإعسار بالمهر قبل الوطء: إذا لم تقبض شيئاً منه, أما إذا قبضت بعضه كما هو الغالب, وأعسر بالباقي .. فلا فسخ لها به؛ لأنه استقر له من البضع بقسطه, فلو فسخت .. لعاد لها البضع بكماله؛ لتعذر الشركة فيه فيؤدي إلى الفسخ فيما استقر للزوج, بخلاف نظيره من الفسخ بالفلس؛ لإمكان الشركة في المبيع, قاله ابن الصلاح في «فتاويه»، وجزم به ابن الرفعة في (كتاب التفليس) من «مطلبه» , واعتمده الإسنوي في «المهمات» , وخالفه البارزي, وكذا الأذرعي ناقلاً عن الجوري التصريح بالخيار, وهو قضية كلامهم؛ لصدق العجز عن المهر بالعجز عن بعضه. وبإعساره عن المذكورات: إعساره بالأدم فلا فسخ به؛ لأنه تابع والنفس تقوم بدونه, وكذا إعساره بمؤن الخادم؛ لأنه ليس ضرورياً, ويثبتان في الذمة.
وبقوله: (لها) عن وليها وسيدها؛ فلا حق لهما في الفسخ, نعم؛ للسيد حق الفسخ بالمهر؛ لأنه محض حقه.
وعلم من قوله: (بالقاضي) أنه لا بد مع ثبوت إعساره من الرفع إلى القاضي كما في العنة؛ لأنه محل اجتهاد فلا تستقل به الزوجة, فلو استقلت به .. لم ينفذ ظاهراً, وفي نفوذه باطناً وجهان حكاهما الشيخان, ثم قالا: قال في «البسيط»: ولعل هذا حيث كان هناك حاكم أو محكم, وإلا .. فالوجه استقلالها.
قال الإسنوي: والراجح من الوجهين: عدم النفوذ, ففي «النهاية»: أنه الذي يقتضيه كلام الأئمة.