للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حكم قاطع الطريق إذا قتل ولم يأخذ نصاباً]

الثالثة: إذا لم يأخذ القاطع مالاً وقتل مكافئاً له عمداً، أو جرحه عمداً فسرى إلى نفسه ... تحتم قتله؛ للآية، ولأنه ضم إلى جنايته إخافة السبيل المقتضية لزيادة العقوبة، ولا زيادة عنا إلا تحتم القتل فلا يسقط وإن عفا عنه مستحقه بمال، فيقتل حتماً حدا ويسقط قتله قصاصاً؛ لصحة العفو عنه، ويثبت ما عفي به كمرتد لزمه قصاص وعفي عنه بمال، ففي قتله معنى القصاص؛ لأنه قتل في مقابلة قتل، ومعنى الحد؛ لتعلق استيفائه بالإمام، والمغلب فيه معنى القصاص؛ فلا يقتل بغير كفء.

ولو مات ... أخذت من تركته دية الحر وقيمة غيره، ولو قتل جمعاً معاً، قتل بأحدهم وللباقين ديات، أو مرتباً ... فبالأول، ولو عفا وليه بمال .. لم يسقط قتله، ولو قتل بمثقل أو نحوه ... فعل به مثله.

ولو كان القتل أو الجرح لغير أخذ المال .. لم يتحتم قتله؛ كما نقله في «الكفاية» عن البندنيجي، ولو جرح فاندمل ... لم يتحتم قصاصه.

[إذا جمع القاطع بين أخذ النصاب والقتل]

الرابعة: إذا جمع القاطع بين أخذ النصاب والقتل .. لزم قتله وصلبه على خشبة أو نحوها بعد غسله وتكفينه والصلاة عليه ثلاثة أيام؛ ليشتهر الحال ويكمل النكال.

نعم؛ إن خيف تغيره قبلها .. أنزل

وإنما لم يصلب قبل القتل؛ لأن فيه تعذيباً، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تعذيب الحيوان، فإن مات قبل قتله ... سقط الصلب بسقوطه متبوعه.

وبما تقرر فسر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الآية فقال: (المعنى: أن يقتلوا إن قتلوا، أو يصلبوا مع ذلك إن قتلوا وأخذوا المال، أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف إن اقتصروا على أخذ المال، أو ينفوا من الأرض إن أرعبوا ولم يأخذوا شيئاً) فحمل كلمة (أو) على التنويع لا التخيير؛ كما في قوله تعالى: {كونوا هوداً أو نصارى} أي: قالت اليهود: كونوا هوداً، وقالت النصارى: كونوا نصارى؛ إذ لم يخبر أحد منهم بين اليهودية والنصرانية.

<<  <   >  >>