للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المعقود عليه وبيان مقدار الجزية]

الرابع: المعقود عليه, وأقل الجزية: دينار ذهب في كل سنة عن كل واحد ممن ذكر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: "خذ من كل حالم- أي: محتلم-ديناراً" رواه أبو داوود والترمذي والنسائي, وصححه ابن حبان والحاكم. نعم؛ إن مضى حول, ولم يدفع الإمام عنهم ما يجب لهم بالعقد من الذب عنهم .. لم تجب جزية ذلك الحول؛ ذكره البغوي وغيره, وإذا عقدها بدينار .. فله أن يأخذ عنه عوضاً؛ كسائر الديون المستقرة؛ بشرط ألا ينقص عن قدر دينار؛ لأن الحق للمسلمين, وإنما امتنع عقدها بما قيمته دينار؛ لأنها قد تنقص عن دينار آخر المدة. ويستحب للإمام مماكسة العاقد لنفسه, أو لموكله حتى يزيد على دينار, بل إن أمكنه أن يعقدها بأكثر من دينار .. لم يجز أن يعقد بدونه إلا لمصلحة. ويسن أن يفاوت: فيأخذ من فقير ديناراً, ومن متوسط دينارين, ومن غني أربعة إذا أجابوا لذلك وقبلوه, فإن امتنعوا من الزيادة .. وجب قبول الدينار, ويعتبر الغنى وضده وقت الأخذ, لا وقت العقد, ويحتمل أن يكون ضابط الغني والمتوسط كما في النفقة, ويحتمل الرجوع فيه إلى العرف, وإن قال بعضهم: أنا فقير, أو متوسط .. قبل قوله, إلا أن تقوم بينة بخلافه. وإذا عقدت بأكثر, ثم علموا جواز دينار .. لزمهم ما التزموه؛ كمن اشترى شيئاً بأكثر من ثمن مثله, فإن امتنعوا من أداء الزيادة .. فهم ناقضون؛ كما لو امتنعوا من أداء الجزية, وحينئذ يبلغون المأمن, فإن عادوا وطلبوا العقد بدينار .. لزمت إجابتهم, ومن تقطع جنونه قليلاً؛ كساعة من شهر .. لزمته, أو كثيراً كيوم ويوم .. لفقت الإفاقة, فإذا بلغت سنة .. وجبت. ولو أسلم, أو مات, أو جن في أثناء سنة .. وجب قسط الماضي. ولو اجتمع دين آدمي وجزية في تركة .. سوي بينهما, وتجب على زمن وشيخ هرم, وأعمى وراهب, وأجير وفقير عجز عن كسب, فإذا تمت سنة وهو معسر .. ففي ذمته حتى يوسر, وكذا حكم السنة الثانية فما بعدها.

<<  <   >  >>