ويستحب للإمام أو نائبه إذا أمكنه أن يشترط عليهم إذا صولحوا في بلدهم: ضيافة من يمر بهم من المسلمين زائداً على قدر أقل جزية على غنيهم ومتوسطهم لا فقيرهم؛ لأنها تتكرر فلا يتيسر للفقير القيام بها, والأصل في اشتراطها ما رواه البيهقي: (أنه عليه الصلاة والسلام صالح أهل أيلة على ثلاث مئة, وكانوا ثلاث مئة رجل, وعلى ضيافة من يمر بهم من المسلمين) , وروى الشيخان: (الضيافة ثلاثة أيام) , والطعام والأدم: كالخبز والسمن, والعلف: كالتبن والحشيش, ولا يحتاج إلى ذكر قدره, وإن ذكر الشعير .. بين قدره, وليكن المنزل بحيث يدفع الحر والبرد, ولا يخرجون أهل المنازل منها. وتؤخذ الجزية برفق كأخذ الديون, ويكفي في الصغار أن يجري عليهم الحكم بما لا يعتقدونه, وبهذا فسر الأصحاب (الصغار) وتفسيره بغير ذلك مردود.
[مكان تقرير الجزية]
الخامس: المكان؛ وهو كون قراره غير الحجاز؛ وهو مكة والمدينة, واليمامة والطائف ووج الطائف, وما يضاف إلى ذلك, فيمنع كل كافر من الإقامة به ولو بطرقه الممتدة, روى البيهقي عن أبي عبيدة ابن الجراح: آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم: : أخرجوا اليهود من الحجاز".
[ما يترتب على صحة عقد الجزية وبعض أحكام أهل الذمة]
ومتى صح العقد .. لزمنا الكف عنهم, وضمان ما نتلفه عليهم نفساً ومالاً, ودفع أهل الحرب عنهم إن لم يستوطنوا دار الحرب, ونمنعهم إحداث كنيسة وبيعة ببلد أحدثناه, أو أسلم أهله عليه, أو فتح عنوة أو صلحاً بشرط الأرض لنا. ويلزمهم أن يلبسوا الغيار بكسر الغين المعجمة, أو يجعلوا فوق ثيابهم الزنار بضم الزاي؛ أي: سواء الرجال والنساء بدارنا وإن لم يشترط ذلك عليهم؛ للتمييز, ولأن عمر رضي الله تعالى عنه صالحهم على تغيير زيهم بمحضر من الصحابة؛ كما رواه البيهقي, وإنما لم يفعله