الرابع: كون القطع بجارح؛ كحديد ونحاس, وذهب وفضة, ورصاص وخشب, وقصب وحجر وزجاج, لا ظفر أو عظم؛ لخبر "الصحيحين" عن رافع بن خديج قال: يا رسول الله؛ إنا لاقوا العدو غداً, ليس معنا مدى أفنذبح بالقصب؟ فقال: "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه .. فكلوه, ليس السن والظفر, وسأحدثكم عن ذلك, أما السن .. فعظم, وأما الظفر .. فمدى الحبشة", وألحق بهما باقي العظام. ومعلوم مما سيأتي حل ما قتله الكلب أو نحوه بظفره أو نابه, فلا حاجة إلى استثنائه. والنهي عن الذبح بالعظام قيل: تعبد؛ وبه قال ابن الصلاح, وقال النووي في "شرح مسلم": معناه: لا تذبحوا بها؛ لأنها تنجس بالدم, وقد نهيتم عن تنجيسها في الاستنجاء؛ لكونها زاد إخوانكم من الجن, ومعنى قوله: "وأما الظفر فمدى الحبشة": أنهم كفار, وقد نهيتم عن التشبيه بهم.
[ذكاة غير المقدور عليه]
وغير المقدور عليه من الحيوان حال كونه صيداً, أو البعير ند؛ أي: ذهب على وجهه شارداً, أو تردى في بئر أو نحوها وتعذر قطع حلقومه ومريئه .. تصير أعضاؤه كلها مذبحاً, ففي أي: عضو منه حصل الجرح .. أجزأ إذا أزهق الحياة المستقرة بجارح غير عظم وظفر كما علم مما مر؛ لقوله عليه السلام في بعير ند, فضربه رجل بسهم فحبسه الله: "إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش, فما غلبكم منها .. فاصنعوا به هكذا" رواه الشيخان.
[ذكاة الصيد]
وذكاة الصيد تحصل بجرحه؛ بإرسال نحو سهم, أو موته بالغم من الكلب, أو الطير, أو إرسال كلب جارح, أو غيره من جوارح السباع والطيور؛ ككلب وفهد, وباز وشاهين. ويشترط كون الجارح معلماً؛ بأن يأتمر بأمر صاحبه؛ أي: يهيج بإغرائه, وينزجر بزجره ولو بعد شدة عدوه, ويمسك الصيد ليأخذه الصائد, ولا يأكل منه, يشترط تكرر هذه الأمور؛ بحيث يظن تأدب الجارحة, والرجوع في ذلك إلى أهل الخبرة بالجوارح.