قال ابن أبي الدم: وهذا هو الصحيح في زماننا، وإن لم يكره .. فيشترط كونه عدلاً أميناً عفيفاً عاقلاً؛ صرح به الماوردي والروباني.
واستحب ابن خيران: كونه كهلاً كثير الستر على الناس.
واسحب ابن المنذر كونه خصياً لمكان النساء، قال الصيمري: لا وجه له؛ لأن الشيخ الكبير يؤمن منه الخوف عليهن.
ويكره حكم القاضي مع وجود شيء مما يخل بفكره؛ كغضب لحظ نفسه، ومرض مؤلم، وعطش وجوع، وحقن ونعاس، وملل وشبع، وحر وبرد، وفرح وهم؛ لخبر "الصحيحين": "لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان"، ورواه ابن ماجه بلفظ:"لا يقضي القاضي ... "، وفي "صحيح أبي عوانة": "لا يقضي القاضي وهو غضبان مهموم، ولا نصاب محزون، ولا يقضي وهو جائع"، وفي معنى ذلك سائر ما يخل بالفكر.
وخرج بقول الناظم:(لحظ نفس): الغضب لله تعالى، وقد استثناه البغوي والإمام وغيرهما، واستغربه في "البحر".
قال البقلقيني: والمعتمد: الاستثناء؛ لأن الغضب لله تعالى يؤمن معه التعدي، بخلاف الغضب لحظ النفس، وقال الأذرعي: الراجح من حيث المعنى، والموافق لإطلاق الأحاديث وكلام الشافعي رضي الله عنه والجمهور: أنه لا فرق؛ لأن المحذور تشويش الفكر، وهو لا يختلف بذلك.
نعم؛ تنتفي الكراهة إذا دعت الحاجة إلى الحكم في الحال، وقد يتعين الحكم على الفور في صور كثيرة، ولو حكم في هذه الأحوال .. نفذ حكمه؛ لقصة الزبير المشهورة، وفعله صلى الله عليه وسلم محمول على التشريع.
والألف في قول الناظم:(قصدا) و (أحمدا) للإطلاق، وقوله:(والقاض) بحذف الياء.