وجاز القاضي رفع المسلم على الكافر في المجلس؛ بأن يجلس المسلم أقرب إلى القاضي؛ كما جلس على رضي الله عنه بجنب شريح في خصومه له مع يهودي، وقال: لو كان خصمي مسلماً .. لجلست معه بين يديك، ولكني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"لا تساووهم في المجلس" وراه البيهقي في "سننه"، وفي سائر وجوه الإكرام حتى في التقديم في الدعوى؛ كما بحثه بعضهم.
ويقدم القاضي عند اجتماع الخصوم المسافر الذي تهيأ للسفر وخاف انقطاعه عن رفقته إن تأخر على المقيم؛ لئلا يتضرر، ثم يقدم بعد المرأة على غيرها؛ طلباً لسترها.
نعم؛ إن كثر المسافرون أو النساء .. قدم بالسبق، ثم بالقرعة؛ كما في بعض كل منهما مع الآخر.
قال في "الروضة" كـ"أصلها": وينبغي ألا يفرق بين كونهم مدعين ومدعى عليهم، وتقديهم رخصة غير واجب، وقيل: واجب، واختار في الروضة: أنه مندوب.
ثم بعد المرأة يقدم وجوباً السابق لمجلس الحكم، والعبرة بسبق المدعي دون المدعى عليه، ثم من خرجت له القرعة، فإن عسر الإقراع لكثرتهم .. كتب أسمائهم في رقاع ووضعت بين يجيه؛ ليأخذ واحدة واحدة، فيسمع دعوى من خرج اسمه، ويقدم السابق والقارع في خصومة واحدة، فلا يثنى بأخرى؛ دفعاً للضرر عن الباقين، فينتظر فراغهم، أو يحضر في مجلس آخر.
وأما المقدم بالسفر .. فقال النووي: الأرجح: أنها إن كانت قليلة أو خفيفة بحيث لا تضر بالباقيين إضراراً بيناً .. قد بجميعها، وإلا .. فبواحدة؛ لأنها مأذون فيها، وقد يقنع بواحدة ويؤخر الباقي إلى أن يحضر، واعترضه الإسنوي: بأن ما ذكره من التقديم بواحدة .. ممنوع، بل القياس على ما قاله: أن يسمع في عدد منها لا يضر بالباقين. انتهى.
وقال بعضهم: والظاهر: أن المرأة في ذلك كالمسافر، وأن الخنثى كالمرأة.