الذي آتاكم} فسر الإيتاء بما ذكر؛ لأن القصد منه الإعانة على العتق، والحط أولى من الدفع؛ لأنه المنقول عن أكثر الصحابة رضى الله تعالى عنهم، ولأن ما يدفعه إليه قد ينفقه في جهة أخرى، وفي النجم الأخير أولى؛ لأنه أقرب إلى العتق، ويكفى ما يقع عليه الاسم، ولا يختلف بكثرة المال وقلته، فإن اختلفا فيه .. قدره الحاكم باجتهاده.
ووقت ووجوبه: قبل العتق، ويجوز من حين الكتابة، وبعد الأداء والعتق قضاء، ويستحب الربع، وإلا .. فالسبع.
[المكاتب رقيق ما بقي عليه شيء]
وهو- أي: المكاتب- رقيق ما بقي عليه شيء من مال الكتابة وإن قل، حتى يؤديه إلى السيد؛ لخبر:"المكاتب قن ما بقي عليه درهم" رواه أبو داوود والنسائي وابن حبان في "صحيحه"، وقال في "الروضة": إنه حديث حسن.
وخرج بقوله:(ما بقي عليه شيء إلى أدائه إليه): إبراؤه منه، فإنه يعتق به كما يعتق بالأداء.
ولو أتى المكاتب بمال فقال السيد:(هو حرام) .. صدق المكاتب، ويقال لسيده:(خذه أو أبرئه عن قدره)، فإن أبى .. قبضه القاضي، فإن كان قدر النجوم .. عتق، فإن نكل .. حلف السيد لغرض امتناعه من الحرام، وتسمع بينته.
ولو خرج المؤدى مستحقاً .. رجع السيد ببدله وهو مستحقه، فإن كان في النجم الأخير .. بان أن لا عتق وإن قال عند أخذه:(أنت حر) لأنه بناه على ظاهر الحال من صحة الأداء وقد بان عدمها، أو معيباً .. رده وأخذ بدله، وله أن يرضى به.
[المكاتبة الباطلة والفاسدة]
وهذه الأحكام المتقدمة في الكتابة الصحيحة، وغيرها تنقسم إلى باطلة، وفاسدة.
فأما الباطلة: وهي ما اختل بعض معتبراتها؛ كأن كان السيد صبياً أو مجنوناً أو مكرهاً، أو الرقيق كذلك، أو كاتب الولي رقيق موليه، أو كان عوضها غير مقصود؛ كالدم والحشرات، أو لم يجر فيها ذكر عوض .. فهي لاغية.