منها كافراً شربة ماء"، وقال: "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه، أو عالم أو متعلم"، ولو لم يكن في محبة الدنيا من المفسدة إلا الاشتغال بها عن الله تعالى.
وقد قال بعضهم لولده: يا بنى؛ لا تغبطن أهل الدنيا عن دنياهم، فوالله؛ ما نالوها رخيصة، ووالله؛ ما نالوها حتى فقدوا الله تعالى.
وما ذكره الناظم هو عالي الهمة، وسيأتي دنيها، وهذا مأخوذ من حديث: "إن الله يحب معالي الأمور، ويكره سفسافها" أي: دنيها رواه البيهقي في "شعب الإيمان"، والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، فالمعالي والسفساف: كلمتان جامعتان لأسباب السعادة والشقاوة.
[آثار معرفة الله سبحانه وتعالى]
ومن يكون عارفاً بربه بما يعرف به من صفاته .. تصور ابتعاده لعبده بإضلاله، وإرادة الشر به من قربه له بهدايته وتوفيقه .. فخاف عقابه، ورجا ثوابه، وكان عبداً صاغياً لما يكون آمراً به وناهياً عنه، فكل ما أمره به .. يرتكبه، وكل ما نهي عن فعله .. يجتنبه، فصار محبوباً لخالق البشر، والمخلوقات بأسرها.
له بربه سمع وبطش وبصر، فترتب على محبة الله تعالى له صيانة جوارحه وحواسه، فلا يسمع إلا الله، ولا يبصر إلا له، ولا يبطش إلا لأجله؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: "من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله .. فقد استكمل الإيمان"، وكما كانت حاله صلى الله عليه وسلم: أنه ما انتقم لنفسه في شيء يؤتى إليه إلا أن تنتهك حرمات الله، فيكون هو ينتقم لله.
وكان لله ولياً، إن طلب منه .. أعطاه، وإن استعاذ به .. أعاذه، ثم زاده مما أحب.
قال بعضهم: العارف عند أهل التصوف: من عرف الحق تعالى بأسمائه وصفاته، ثم صدق الله تعالى في جميع معاملاته، ثم تنقى عن أخلاقه المذمومة وآفاته، ثم طال بالباب