وقوفه، ودام بالقلب عكوفه، فحظي من الله تعالى بجميع آماله، وصدق الله تعالى في جميع أحواله، وانقطعت عنه هواجس نفسه، ولم يصغ بقلبه إلى خاطر يدعوه إلى غيره.
وقال ابن عبد السلام في "قواعده" في إصلاح القلوب؛ التي تصلح الأجساد بصلاحها، وتفسد بفسادها: تطهيرها من كل ما يباعد عن الله، وتحليها بكل ما يقرب إلى الله ويزلف لديه، من الأحوال والأقوال والأعمال، وحسن المآل، ولزوم الإقبال عليه، والإصغاء إليه، والمثول بين يديه كل وقت من الأوقات وحال من الأحوال، على حسب الإمكان من غير أداء إلي السآمة والملال.
قال: ومعرفة ذلك هي الملقبة بعلم الحقيقة، وليست الحقيقة خارجة عن الشريعة، بل الشريعة طافحة بإصلاح القلوب بالمعارف والأحوال والعزوم والنيات، وغير ذلك. انتهى.
قال بعضهم: علامة محبة الله تعالى: بغض المرء نفسه؛ لأنها مانعة له من المحبوب، فإذا وافقته نفسه في المحبة .. أحبها، لا لأنها نفسه، بل لأنها تحب محبوبه.
وما ذكره الناظم .. مأخوذ من حديث البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى:"من آذى لي ولياً .. فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بمثل ما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته .. كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني .. أعطيته، وإن استعاذ بي .. لأعيذنه"، زاد ابن أبي الدنيا:"وفؤاده الذي يعقل به، ولسانه الذي يتكلم به".
والمراد: أن الله تعالى يتولى محبوبه في جميع أحواله، فحركاته وسكناته به تعالى؛ كما أن أبوي الطفل لمحبتهما له التي أسكنها الله في قلوبهما .. يتوليان جميع أحواله، فلا يأكل إلا بيد أحدهما، ولا يمشى إلا برجله ... إلى غير ذلك، ففنيت صفاته، وقامت صفات الأبوين مقامها؛ لشدة اعتنائهما بحفظه.
وفي الحديث:"اللهم؛ كلاءة ككلاءة الوليد"، فكذلك حال الولي مع الرب سبحانه وتعالى، واتخاذ الله ولياً يحتمل أن يكون فعيلاً بمعنى فاعل؛ أي: ولي أمر الله تعالى، أو