قال الكلبي: العمل الصالح: التوبة من الذنوب مع الاعتراف بها.
وقال الطبري وغيره: الصالح: الاعتراف [و] التوبة والندم على الذنوب، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه: ("عسى" من الله تعالى واجبة).
وإذا صحت التوبة من العبد .. صفا قلبه من كدورات المعصية، لكن التصفية من سائر المعاصي من أوصاف كمال التوبة لا من شروطها.
وعند الصوفية: توبة السالك من المعاصي لا تصير مفتاحاً للمقامات حتى يتوب عن جميع الذنوب؛ لأن كدورة بعض القلب واسوداده بالذنب يمنع من السير إلى الله سبحانه وتعالى، ويبعد عنه، وعلامة قبول التوبة: أن يفتح على التائب باب من الطاعة لم يكن قبل ذلك.
[وجوب الإمساك عن الفعل إذا تشكك فيه أو اشتبه عليه]
(وواجب في الفعل إذ تشكك ... أمرت أو نهيت عنه تمسك)
أي: وواجب على المكلف إذا شك في الفعل الذي خطر في سره: أهو مما أمر به، أو مما نهي عنه .. أن يمسك عن فعله؛ حذراً من الوقوع في المنهي عنه إذا كان الأمر أمر إباحة، والنهي نهي تحريم، فإذا اشتبه .. غلب التحريم؛ كما إذا شك في امرأة هل أجنبية داخلة في قوله تعالى:{فانكحوا}، أو محرم داخلة في قوله تعالى:{حرمت عليكم أمهاتكم} الآية، أو شك في لحم هل هو مما أبيح أكله بقوله تعالى:{كلوا من طيبات ما رزقناكم}، أو مما نهى عنه بقوله تعالى:{حرمت عليكم الميتة} فيجب عليه أن يمسك عن نكاح المرأة، وأكل اللحم.
ولا يجوز له أن يجتهد في المرأة واللحم؛ إذ لا علامة تمتاز بها المحرم عن الأجنبية، وكذلك اللحم، لكن لو اشتبهت بأجنبيات غير محصورات .. جاز له النكاح؛ لئلا يؤدي إلى سد باب النكاح، وقد يترجح الإمساك ولا يجب؛ فإنه من باب الشبهة، وتركها ورع لا وجوب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" رواه الترمذي وابن ماجه.