القاطع، وقد تقدم شيء مما يتعلق بأفعال العباد عند قول الناظم في (المقدمة): (منفرد بالخلق).
ومن أجل أن قدرة العبد للكسب لا للإبداع فلا توجد إلا مع الفعل .. كان الصحيح أنها لا تصلح للتعليق بالضدين؛ لاستحالة اجتماعهما، فاستطاعة الإيمان توفيق، واستطاعة الكفر خذلان، ولا تصلح إحداهما لما تصلح له الأخرى، وإنما تصلح للتعليق بأحدهما الذي يقصده.
وقيل: تصلح للتعليق بأحدهما على سبيل البدل؛ أي: تتعلق بهذا بدلاً عن تعلقها بالآخر وبالعكس، ومعناه: إن اقترنت بالإيمان .. صلحت له دون الكفر، وإن اقترنت بالكفر .. صلحت له دون الإيمان، أما على القول بأن العبد خالق لفعله .. فقدرته كقدرة الله تعالى في وجودها قبل الفعل، وصلاحيتها للتعليق بالضدين.
والصحيح أيضاً: أن عجز العبد صفة وجودية قائمة بالعاجز تقابل القدرة تقابل الضدين.
وقالت الفلاسفة: هو عدم القدرة عما من شأنه أن يكون قادراً، والتقابل بينهما تقابل العدم والملكة؛ كما أن الأمر كذلك على القول بأن العبد خالق لفعله، فعلى الأول: في الزمن معنى لا يوجد في الممنوع من الفعل مع اشتراكهما في عدم التمكن من الفعل، وعلى الثاني لا، بل الفرق: أن الزمن ليس بقادر، والممنوع قادر؛ إذ من شأنه القدرة بطريق جري العادة.
(واختلفوا؛ فرجع التوكل ... وآخرون: الاكتساب أفضل)
(والثالث المختار: أن يفصلا ... وباختلاف الناس أن ينزلا)
(من طاعة الله تعالى آثرا ... لا ساخطاً إن رزقه تعسرا)
(ولم يكن مستشرفاً للرزق ... من أحد بل من إله الخلق)
(فإن ذا في حقه التوكل ... أولى، وإلا الاكتساب أفضل)
(وطالب التجريد وهو في السبب ... خفي شهوة دعت فليجتنب)
(وذو تجردٍ لأسباب سأل ... فهو الذي عن ذروة العز نزل)
(والحق: أن تمكث حيث أنزلك ... حتى يكون الله عنه نقلك)