للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحري الطلوع والغروب بالصلاة لقال: لا تحرَّوا بصلاتكم طلوعَ الشمس وغروبها.

هذا، وقد اختلف العلماءُ في جواز حذف الفعل المجزوم على أقوال: منهم مَن يرى الاكتفاءَ بما سُمع عن العرب (١)، ومنهم من يمنعُ حذفَ المجزوم إلا ما جزم بـ (لَمَّا)؛ وذلك لفهم المعنى، ومثالُ ذلك: سرتُ إلى المدينة ولَمَّا، أي: ولما أدخلْها، وخُصت بذلك (لما) لأنها نفيُ (قد فَعَل) (٢)، ومنهم مَن يرى جوازَ حذف المجزوم إذا دَلَّ عليه دليل، كما عند ابن عصفور (٣).

ومما قد يُختلف فيه: كونُ (لا) في (ولا غروبها) نافيةً، فيقال بأن (لا) نافية؛ لأنه جاء بعد (لا) اسمٌ نكرةٌ، و (لا) الناهيةُ لا تدخل إلا على الفعل المضارع.

لكن يرى السهيلي أن (لا) الناهيةَ هي نافيةٌ، والجزم بعدها بلام الأمر مضمرةً قبلها حُذفت كراهةَ اجتماع لامين في اللفظ (٤). وقد عُدَّ هذا الرأي ضعيفًا (٥).

ومثلُ ذلك في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا} (٦)، فـ (لا) مختلَفٌ فيها على قولين:

١ - (على النهي)، أي: لا تتعرضوا للفتنة فتصيبكم.

٢ - و (على النفي)؛ لأن الجملة صفة للفتنة، ولا حاجة إلى إضمار قول؛ لأن الجملة خبرية، أو لأن الفعل جواب الأمر (٧).


(١) ارتشاف الضَرب ٤/ ١٨٥٨.
(٢) شرح جمل الزجاجي لابن عصفور ٢/ ٣٠٥.
(٣) نقلا: ارتشاف الضرَب ٤/ ١٨٥٨، ولم أجد -حسب اطلاعي- في كلام ابن عصفور ما يدل على ذلك، غير هذه العبارة في المقرب ٢٧٢: " ... وكل جملة غير محتملة للصدق والكذب إذا ضُمنت معنى الشرط فإنها لا تحتاج إلى جواب فتجزمه، إلا جملة النهي إذا ضمنت معنى الشرط فإنما تتقدر بفعل منفي ... "، ومثل أبو حيان بعدما نسب الرأي لابن عصفور بالمثال التالي: اضرب زيدًا إن أساء وإلا فلا، أي: فلا تضربه، وما ذكر ابن عصفور في شرح جمل الزجاجي مخصوص بمجزوم (لما).
(٤) نتائج الفكر في النحو ١١٢.
(٥) مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ١/ ٣٢٧، الجنى الداني ٣٠٠.
(٦) الأنفال: ٢٥.
(٧) مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ١/ ٣٢٥.

<<  <   >  >>