للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَا لَيْتَ أَيَّامَ الصِّبَا رَوَاجِعَا" (١).

ومن طرقه في الإطناب: أنه قد يذكر المسألة بِطُولها دون إضافة أي تعليق، ومن ذلك قوله: " (مثلَ أو قريبَ) كذا في كثير من نسخ البخاري. قال القاضي: وكذا رويناه عن الأكثر في الموطأ، ورويناه عن بعضهم (مثلًا أو قريبًا)، ولبعضهم (مثلَ أو قريبًا)، وهو الوجهُ. وقال ابن مالك: يروى في البخاري (أو قريبَ) بغير تنوين، والمشهور (أو قريبًا)، ووجهُه أن يكون أصلُه (مثلَ فتنة الدجال أو قريبًا من فتنة الدجال)، فحُذف ما كان (مثل) مضافًا إليه، وتُرك على هيئته قبل الحذف، وجاز الحذفُ لدلالة ما بعده، والمعتادُ في صحة هذا الحذف أن يكون مع إضافتين؛ كقول الشاعر:

أمَامُ وَخَلْفُ المَرْءِ مِنْ لُطْفِ رَبِّهِ ... كوالئُ تَزوي عَنْهُ مَا هُوَ يَحْذَرُ

وجاء أيضًا في إضافة واحدة كما هو في الحديث.

وأما رواية (قريبَ) بغير تنوين فأراد (مثل فتنة الدجال، أو قريبَ الشبه من فتنة الدجال)، فحُذف المضاف إليه، وبقي (قريب) على هيئته، وهذا الحذف في المتأخر لدلالة المتقدم عليه قليلٌ، مثل قراءة ابن مُحَيصن: {فَلَا خَوفَ عَلَيهِم} (٢) أي: لا خوفَ شيءٍ، وكقول الشاعر:

أَقُولُ لَمَّا جَاءَنِي فَخْرُهُ ... سُبْحَانَ مِنْ عَلْقَمَةَ الفَاخِر

أراد: سبحانَ الله، فحذف المضافَ إليه، وترك المضافَ بحاله. يقول الشاعر: العجب منه إذ يفخر" (٣).

ومن طرق الإطناب لديه: مزج أكثر من مسألة نحوية في موضع واحد، ومن ذلك في حديث أم زرع، عند قولها: (جلس إحدى عشرة نسوة)، قال: "كذا في الأصول، ووقع في مسلم بنون، وهنا: امرأة، وفي أخرى: نسوة، وللنسائي: اجتمعن، ولأبي عبيد: اجتمعت، بالتاء. قال ابن التين: وقوله: (جلس إحدى عشرة امرأة)، أي: جمعٌ، مثل: {وَقَالَ نِسوَة فِي


(١) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٢/ ٢٩٢.
(٢) البقرة: ٣٨.
(٣) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٣/ ٤٣٢ - ٤٣٣ - ٤٣٤.

<<  <   >  >>