للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر ابن الملقن الأوجُهَ الإعرابية لـ (جذعًا)، وبيانُ ذلك فيما يلي:

أما روايةُ الرفع فظاهرةُ التوجيه، فتُعرب (جذع) خبرَ (ليت)، ولا إشكالَ في هذا الوجه من جهة النحو (١).

وأما روايةُ النصب (جذعًا)؛ فالعامل فيها عند الكوفيين (كان) المقدرةُ، والتقدير: يا ليتني أكونُ جذعًا؛ كما قالوا في قوله تعالى: {انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ} (٢)؛ أي: يكن الانتهاءُ خيرًا لكم (٣).

وهذا خطأٌ في تقدير العربية كما يراه المبردُ؛ لأنه يُضمِر الجوابُ ولا دليلَ عليه (٤)، وعند البصريين أنها منصوبة بفعل مُضمَر، والتقديرُ: يا ليتني جُعِلت فيها جذعًا، كما قالوا في قوله تعالى: {انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ} (٥) أي: انتهوا وائتوا خيرًا لكم (٦)؛ وذاك لأنك حين قلت: (انتَهِ) فأنت تريدُ أن تُخرجَه من أمرٍ وتدخلَه في أمر، وقال الخليل: (كأنك تحملُه على ذلك المعنى؛ كأنك قلت: انتَهِ وادخُل فيما هو خيرٌ لك، وحذفوا الفعلَ لكثرة استعمالهم إياه في الكلام) (٧).

ومثلُ ذلك قولُ القُطامي (٨):

فَكَرَّتْ تَبْتَغِيهِ فَوَافَقَتْهُ ... عَلَى دَمِهِ وَمَصْرَعِهِ السِّبَاعَا (٩)


(١) لم أجد هذه الرواية في المظان، ووجدتها في مصادر وسيطة، منها: إعراب الحديث النبوي ٣٣١، شرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى ١/ ١٦١، فتح الباري ١/ ٢٦، مطالع الأنوار ٢/ ١٠٤.
(٢) النساء: ١٧١.
(٣) إعراب القرآن للنحاس ٢١٩، إعراب القرآن الكريم وبيانه ٢/ ١٦٠، المقتضب ٣/ ٢٨٣، مغني اللبيب ٨٢٧، شرح شذور الذهب للجوجري ٢/ ٤٢١.
(٤) المقتضب ٣/ ٢٨٣، شرح التصريح على التوضيح ١/ ٤٧٣، شرح التسهيل ٢/ ١٥٩.
(٥) النساء: ١٧١.
(٦) المصادر السابقة.
(٧) نقلًا: الكتاب ١/ ٢٨٢.
(٨) هو: عمير بن شييم بن عمرو بن عباد بن بكر بن عامر بن أسامة بن مالك بن بكر بن حبيب بن بكر بن غنم بن تغلب بن حبيب، شاعر أموي، ديوان القطامي ٦، الخزانة ٢/ ٣٧٠.
(٩) في ديوانه بلفظ: فكرت عند فيقتها إليه فألفت عند مربضها السباعا ٤١، البيت من الوافر، شرح أبيات سيبويه ١٥٨، الخصائص ٢/ ٤٧٤، الكتاب ١/ ٢٨٤.

<<  <   >  >>