للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتقديرُ: من لدُ أن كانت شولًا فإلى إتلائها.

ومثالُ إضمار (كان) بعد شبهِ (لدن): قولُ الراعي (١):

أَزْمَانَ قَوْمِي وَالْجَمَاعَةُ كَالَّذِي ... منعَ الرِّحَالَةَ أَنْ تَمِيلَ مَمِيلَا (٢)

والتقدير: أزمانَ كان قومي والجماعةُ.

وأما كونُها منصوبة على الحال، فهذا الذي رجَّحه القاضي عياض (٣)، وقال النووي: (إنه الصحيح الذي اختاره المحققون) (٤)؛ لأنه حين قال: (يا ليتني فيها جذعًا) كان قد أسَنَّ وعمِي، ويصبح التقدير: في هذا الحال شبيبةً وصحةً وقوةً لنُصرتك (٥).

وأما كونُ (جذعًا) خبرًا لـ (ليت) العاملةِ عملَ (تمنَّيت) الناصبةِ للجزأين، فقولٌ منسوب لبعض الكوفيين، وحكى ابنُ السِّيدِ: أن ذلك لغةٌ لقوم من العرب دون تحديد (٦)، كما سُمع: (لعل زيدًا أخانا) (٧).

ويرى الفراءُ جوازَ نصب الجزأين بـ (ليت) خاصة (٨)، تشبيهًا لها بفعل التمني، فقولُك: (ليت زيدًا قائمًا)، مثل (تمنيتُ زيدًا قائمًا)، وكأنه لَمَح فيه معنَى الفعلِ الذي ناب الحرفُ عنه (٩)، ومن ذلك قولُ الراجز (١٠):

يا ليت أيامَ الصِّبا رواجعَا (١١)


(١) عبيد بن حصين بن معاوية بن جندل بن قطن بن ربيعة بن عبد الله بن الحارث بن نمير بن عامر بن صعصعة، الخزانة ٣/ ١٤٥، ضياء السالك ١/ ٢٥٠.
(٢) البيت من الكامل، الخزانة ٣/ ١٤٥، الكتاب ١/ ٣٠٥، التذييل والتكمييل ٤/ ٢٣١.
(٣) إكمال المعلم بفوائد مسلم ١/ ٤٨٩،
(٤) مسلم بشرح النووي ٢/ ٢٠٣.
(٥) شرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى ١/ ١٦١، التوضيح شرح الجامع الصحيح ٢/ ٢٩٢.
(٦) نقلًا: الجنى الداني ٣٩٣، همع الهوامع ١/ ٤٩٠.
(٧) همع الهوامع ١/ ٤٩١.
(٨) معاني القرآن للفراء ١/ ٤١٠، شرح المفصل ٨/ ٨٤، الجنى الداني ١/ ٣٩٤، همع الهوامع ١/ ٤٩٠.
(٩) المسائل النحوية في كتاب فتخ الباري بشرح صحيح البخاري ١/ ٤١٦.
(١٠) للعجاج في طبقات فحول الشعراء ١/ ٧٨، لرؤبة في شرح المفصل ١/ ١٠٤.
(١١) البيت من الرجز، الكتاب ١/ ١٤٢، الأصول في النحو ١/ ١٤٨، مغني اللبيب ٣٧٦، شرح الأشموني ١/ ٢٩٥.

<<  <   >  >>