للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله -سبحانه وتعالى- أذن فيها للناس بقوله:} فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا {؛ فالآية إنما تدل على إباحتها، وندبها إنما أخذ من عموم قوله -تعالى-:} وافعلوا الخير لعلكم تفلحون {؛ قال ابن عرفة: الكتابة عتق على مال مؤجل من الرقيق موقوف على أدائه، وأركانها التي تتوقف عليها أربعة:

الأول: مكاتب -بكسر التاء- وهو المالك للرقبة، فشرطه الرشد، فتبطل من الصبي والسفيه؛ بناء على أنها عتق، وتصح منهما مع توقف لزومها على إجازة الولي؛ بناء على أنها بيع، وكذلك تصح من السكران بحرام إن كان عنده نوع تمييز؛ بناء على أنها عتق لتشوف الشارع للحرية، وتبطل منه بناء على أنها بيع، فهو على العكس من الصبي والسفيه. وتجوز مكاتبة رقيق المحجور صبي أو سفيه أو مجنون لوليه إن كان فيها مصلحة، وإلا فلا كما أنه ليس له عتق رقيقه ناجزا على مال معجل؛ لأنه له أن ينزع ماله للمحجور بدون عتق.

الركن الثاني: مكاتب -بالفتح- وهو الرقيق وإن أمة بالغة برضاها، وصغيرا ذكرا أو أنثى؛ بناء على مقابل المشهور من أن الرقيق يجبر على الكتابة لا على المشهور من رضاه؛ لأن رضا الصغير غير معتبر؛ حيث قدر كل من الأمة والصغير على الكسب، وإن كانا لا مال ولا كسب لهما فالمشهور المأخوذ من المدونة أن الرقيق لا يجبر على قبول الكتابة إلا أن يكون غائبا أدخله حاضر معه فيجبر اتفاقا؛ لقوله في المدونة: ومن كاتب عبده على نفسه وعلى عبد للسيد غائب لزم العبد الغائب وإن كره؛ لأن هذا الحاضر يؤدي عنه، ومقابل المشهور المأخوذ من المدونة أيضا الجبر.

الركن الثالث: الصيغة بكاتبتك بكذا ونحوه، كبعتك نفسك بكذا، أو أنت مكاتب على كذا، أو معتق على كذا، ولو لم يذكر التنجيم لصحتها بدونه قطعا، ويلزمه التنجيم أي التأخير لأجل معلوم ولو نجما واحدا إذا لم يصرح به على المشهور؛ خلافا لابن رشد في عدم لزومه لكنها قطاعة.

الركن الرابع: العوض ولو بغرر لم يشتد، كآبق يملكه المكاتب لا بما تحمل به أمته أو غيرها في المستقبل؛ إذ الأصل في العتق أن يكون بدونه، وتردد الصاوي في بطلان الكتابة بعدم ذكر العوض في صيغتها؛ بناء على أنها بيع وهو يبطل بجهل الثمن وصحتها بعدم ذكره فيها، ويكون على العبد كتابة مثله؛ بناء على أنها عتق والعتق لا يشترط فيه تسمية عوض، وحينئذ فيكون المراد بركنية العوض أن لا يشترط عدمه أعم من أن يذكر أو يسكت عن ذكره، كركنية الصداق مع صحة نكاح التفويض؛ فتأمل كما في أقرب المسالك وشرحه وحاشيته.

[باب أم الولد]

(ما قولكم) في امرأة ملكت جارية وأذنت ولدها في نومه مع الجارية بفراش واحد، فحملت الجارية من الولد، فهل تصير أم ولد أم لا؟ أفتونا.

(الجواب) في الرهوني على عبق: وترجم الشيخ في نوادره، باب ما تكون به الأمة أم ولد من وطء الشبهة من إحلال أو غلط، فذكر فيها: إن أولد امرؤ أمة بعثها له من أمره

<<  <   >  >>