للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الولي، فلا مانع من كون الله يطلع بعض عباده الصالحين على بعض هذه المغيبات؛ فتكون معجزة للنبي، وكرامة للولي، ولذلك قال العلماء: الحق أنه لم يخرج نبينا من الدنيا حتى أطلعه على تلك الخمس، ولكنه أمر بكتمها. اهـ، وقال في روح البيان في تفسير قوله تعالى:} وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ {أي لا يدركون يعني الملائكة والأنبياء وغيرهم بشيء من معلوماته إلا بما شاء أن يعلموا، وأن يطلعهم عليه كإخبار الرسل:} فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ {قال: وفي التأويلات النجمية يعلم محمد عليه السلام ما بين أيديهم من الأمور الأوليات قبل خلق الله الخلائق، كقوله: "أول ما خلق الله نوري"، وما خلفهم من أهوال القيامة، وفزع الخلق، وغضب الرب، وطلب الشفاعة من الأنبياء، وقولهم: نفسي نفسي، وحوالة الخلق بعضهم إلى بعض حتى بالاضطرار، يرجعون إلى النبي صلى الله عليه وسلم لاختصاصه بالشفاعة، ولا يحيطون بشيء من علمه يحتمل أن تكون الهاء كناية عنه عليه السلام، يعني هو شاهد على أحوالهم، يعلم ما بين أيديهم من سيرهم ومعاملاتهم، وقصصهم وما خلفهم من أمور الآخرة، وأحوال أهل الجنة والنار، وهم لا يعلمون شيئا من معلوماته إلا بما شاء أن يخبرهم عن ذلك. اهـ، قال شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة في الرسالة الرحمانية في بيان الكلمة العرفانية على الأولياء من علم الأنبياء بمنزلة قطرة من سبعة أبحر، وعلم الأنبياء من علم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بهذه المنزلة، وعلم نبينا من علم الحق سبحانه بهذه المنزلة. اهـ، وقال في تفسير قوله تعالى آخر سورة الجن:} عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ {أي هو عالم لجميع ما غاب عن الحس وحده، فلا يطلع على غيبه اطلاعا كاملا ينكشف به جلية الحال انكشافا تاما موجبا لعين اليقين أحدا من خلقه، إلا من ارتضى من رسول أي إلا رسولا ارتضاه واختاره لإظهاره على بعض غيوبه المتعلقة برسالته كما يعرب عنه بيان من ارتضى بالرسول تعلقا ما، إما لكونه من مبادي رسالته، بأن يكون معجزة دالة على صحتها، وإما لكونه من أركانها وأحكامها لعامة التكاليف الشرعية التي أمر بها المكلفون، وكيفيات أعمالهم وأجزيتها المترتبة عليها في الآخرة، وما تتوقف هي عليه من أحوال الآخرة التي من جملتها قيام الساعة، والبعث وغير ذلك من الأمور الغيبية التي بيانها من وظائف الرسالة، وأما ما لا يتعلق بها على أحد الوجهين من الغيوب التي من جملتها وقت قيام الساعة، فلا يظهر على غيبه أحدا أبدا على أن بيان وقته مخل بالحكمة التشريعية التي فاعليها يدور فلك الرسالة، وليس فيه ما يدل على نفي كرامات الأولياء المتعلقة بالكف، فإن اختصاص الغاية القاصية من مراتب الكشف بالرسل لا يستلزم عدم حصول مرتبة ما من تلك المراتب لغيرهم أصلا، ولا على أحد لأحد من الأولياء ما في مرتبة الرسل من الكشف الكامل الحاصل بالوحي الصريح بل اطلاعهم

<<  <   >  >>