للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث عائشة في مسح الرأس]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب مسح المرأة رأسها.

أخبرنا الحسين بن حريث قال: حدثنا الفضل بن موسى عن جعيد بن عبد الرحمن قال: أخبرني عبد الملك بن مروان بن الحارث بن أبي ذباب قال: أخبرني أبو عبد الله سالم سبلان قال: وكانت عائشة تستعجب بأمانته وتستأجره، فأرتني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ، (فتمضمضت واستنثرت ثلاثاً، وغسلت وجهها ثلاثاً، ثم غسلت يدها اليمنى ثلاثاً واليسرى ثلاثاً، ووضعت يدها في مقدم رأسها، ثم مسحت رأسها مسحة واحدة إلى مؤخره، ثم أمرت يديها بأذنيها، ثم مرت على الخدين).

قال سالم: كنت آتيها مكاتباً ما تختفي مني، فتجلس بين يدي، وتتحدث معي حتى جئتها ذات يوم فقلت: ادع لي بالبركة يا أم المؤمنين! قالت: وما ذاك؟ قلت: أعتقني الله.

قالت: بارك الله لك.

وأرخت الحجاب دوني، فلم أرها بعد ذلك اليوم].

هذا الحديث منكر المتن وشاذ وضعيف السند، فهو حديث ليس بصحيح، فأما الشذوذ والنكارة ففي موضعين أحدهما أشد من الآخر، الموضع الأول: أن عائشة لم تحتجب عن سالم سبلان وهو ليس عبداً لها، ولا مكاتباً لها، وقد قال الله تعالى في كتابه المبين: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور:٣١]، ثم قال: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور:٣١]، وهذا ليس مما ملكت يمينها وليس عبداً لها ولا مكاتباً لها، فكيف كشفت له عائشة وتجلس معه!! والشاذ: هو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه، وهو هنا قد خالف نص القرآن.

الموضع الثاني: في قوله: إنها لما مسحت رأسها أمرت يديها على خدها فهذا -أيضاً- منكر شاذ مخالف للأحاديث، إذ ليس فيها مسح الخدين بعد مسح الرأس.

وعبد الملك بن مروان بن الحارث بن أبي ذباب قال فيه الحافظ ابن جحر: مقبول، وقال فيه الذهبي في الميزان: لم يروه عنه إلا شعيب وقال في التهذيب: ذكره ابن حبان، في الثقات، فمثل هذا لا يقبل حديثه، فيكون حديثه ضعيفاً إلا إذا جاء له متابع.

فيكون الحديث شاذ المتن، ومنكراً لمخالفته للقرآن، والشاذ هو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه في الحديث، وهذا خالف القرآن، والمقبول إنما يقبل حديثه في الشواهد والمتابعات لا في الأصول التي تثبت بها الأحكام، فالمقصود أن هذا الحديث ليس بصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>