للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث حذيفة: (كنت أمشي مع رسول الله فانتهى إلى سباطة قوم)]

قال المؤلف رحمه الله: [الرخصة في ترك ذلك.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عيسى بن يونس حدثنا الأعمش عن شقيق عن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال: (كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهى إلى سباطة قوم فبال قائماً، فتنحيت عنه فدعاني، وكنت عند عقبيه حتى فرغ، ثم توضأ ومسح على خفيه)].

وهذا قد استدل به المؤلف رحمه الله على ترك الإبعاد عند إرادة قضاء الحاجة، وهذا في بعض الأحيان عند الحاجة التي تدعو إلى ذلك، وإلا فالأغلب من فعله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد قضاء الحاجة أبعد، كما ورد في بعض الأحاديث: (حتى يتوارى عن الأعين) أي: حتى لا ترى عورته، ولا يسمع له صوت، وقد بوب المؤلف رحمه الله هنا على الرخصة في ترك الإبعاد، وهذا لعارض، وقد استدل بهذا الحديث: (أن النبي أتى سباطة قوم فبال قائماً)، وهذا ثابت في الصحيحين وغيرهما، وقد اختلف العلماء في سبب ذلك، فقال بعضهم: إنما فعل ذلك لعلة في مأبظه، يعني: وجع في باطن الركبة، وقيل: إنما فعل ذلك لوجع في صلبه، والصواب: أنه فعله لبيان الجواز، ولحاجة دعت إلى ذلك، إما لأن المحل لا يناسب الجلوس؛ لكون الأرض صلبة أو نجسة، أو لأنه قد يرتد إليه البول فبال قائماً، فدل على الجواز، لكن بشرط أن يكون هناك من يستره، وكان قد دعا حذيفة وقال: (ادنو ادنو)، فدنا منه حتى صار عند عقبيه، وظاهره أنه ولاه ظهره، فجعل يستره، فدل ذلك على جواز البول قائماً إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وأمن من أن ترى له عورة، وكان عنده ساتر، فلا بأس بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>