للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما ذكر في استخدام الحائض]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب استخدام الحائض.

أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى بن سعيد عن يزيد بن كيسان حدثني أبو حازم، قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ قال: يا عائشة! ناوليني الثوب، فقالت: إني لا أصلي، قال: إنه ليس في يدك فناولته).

أخبرنا قتيبة بن سعيد عن عبيدة عن الأعمش ح وأخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا جرير عن الأعمش عن ثابت بن عبيد عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ناوليني الخمرة من المسجد، قالت: إني حائض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليست حيضتك في يدك).

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش بهذا الإسناد مثله.

].

هذا فيه دليل على طهارة الجنب والحائض، وأن عَرَقَ الجنب والحائض وبدنهما طاهر، وأن النجاسة في الدم فقط، ولهذا لما قال النبي لـ عائشة: (ناوليني الخمرة، قالت: إني حائض، قال: ليست حيضتك في يدك)؛ إنما النجاسة نجاسة الدم، والخمرة: قطعة حصير يصلى عليها تكون على قدر المصلي أو على قدر يديه، وسميت خمرة لأنها تستر الأرض، فإذا كان صغيراً في المصلى بقدر الوجه واليدين سمي خمرةً، وإذا كان أكبر من ذلك يسمى مصلىًّ.

قال: ناوليني الخمرة في المسجد قالت: إني حائض، وهو يدل على أنه لا بأس في مرور الحائض والجنب في المسجد وإنما النهي عن المكث، ولهذا قال الله تعالى في كتابه العظيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء:٤٣] يمر مروراً فقط، أما المكث في المسجد فلا يمكث الجنب ولا الحائض، ولهذا قال: ناوليني الخمرة، فدلَّ على المرور (ناوليني الخمرة من المسجد، قالت: إني حائض، قال: ليست حيضتك في يدك) لكن المكث ممنوع منه الجنب والحائض.

قال السندي رحمه الله: قوله: (الخمرة) بضم خاء معجمة وسكون ميم، ما يصلى عليه الرجل من حصير ونحوه، (من المسجد) متعلق بقال، أي: قال وهو في المسجد: ناوليني الخمرة، لأن المناولة كانت من الحجرة كما سبق، كذا يفهم من تقرير القاضي عياض وهذا مبني على اتحاد القضية، وإلا ظهر تعددها، وتعلق من بناوليني، ولما كانت المناولة من المسجد أشد من مناولة من في المسجد من الخارج اعتذرت بالحيض فيها، كما اعتذرت به في المناولة من الخارج فليتأمل.

فالصواب: الكلام الأخير النهي من المكث، لا كما قال القاضي عياض من تقريره وهذا واضح.

فإذا قال قائل: المؤذن يجوز له أن يؤذن وهو جنب ثم يخرج من المسجد؟ ف

الجواب

هذا قد يقال: إنه مثل المرور، وقد يقال: إنه مكث، لأنه يؤذن خمسة عشر جملة، وقد يقال: إنه يحتاج إلى هذا، وعلى كل حال فالأولى له أن يغتسل، وينبغي له أن لا يتساهل في هذا، وقد يقال: إن الوقت قصير، وهذا يدعو إلى التساهل والتهاون، فقد يتأخر في الاغتسال فتفوته الصلاة! فإن قيل: هل يجوز للجنب أن يمكث في المسجد؟ فالجواب: هذا ممنوع لا يجوز، فلا بد أن يخرج من المسجد فوراً، قال الله تعالى: ((وَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ)) فالجنب لا يجوز له إلا المرور فقط، كذلك لا يجوز للحائض المكث في المسجد، تمكث في السيارة إذا كانت تسمع ذكراً أو محاضرةً أو تجلس في مكان خلف المسجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>