للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب: سؤر الكلب.

أخبرنا علي بن حجر قال: أخبرنا علي بن مسهر عن الأعمش عن أبي رزين وأبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرات)].

وهذا الحديث أخرجه الشيخان وأهل السنن بألفاظ.

وفي هذا الحديث دليل على نجاسة الكلب؛ لأن الأمر بغسل ما ولغ فيه يدل على نجاسته، وقد ذهب إلى هذا الجماهير.

وذهب الإمام مالك والمالكية، إلى أن سؤر الكلب طاهر، وهو اختيار البخاري رحمه الله، واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أباح صيد الكلب المعلم، ومن المعلوم: أنه إذا صاد الفريسة فلا بد من أن يكون فيها شيء من لعابه، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسل لعاب الكلب، فقالوا: دل هذا على طهارته.

لكن هذا ليس بواضح، والأمر بغسل ما ولغ فيه صريح في نجاسته، أما مكان عض المصيد فإنه قد يقطع، لأنه معروف أن عظة الكلب يقطع بسببها شيء يسير من الصيد، ثم إن النار تُذهب أثر أنيابه؛ لأن النار تقتل الجراثيم.

وفي هذا الحديث قوله: (فليرقه) وهذه اللفظة عند مسلم، وهي تدل على أن الماء القليل الذي في الأواني يراق إذا ولغ فيه الكلب، وكذلك - بالقياس عليه - ما وقع فيه نجاسة غير نجاسة الكلب، فإذا كان في إناء صغير فإنه يراق.

وقال بعضهم: إن هذه اللفظة شاذة.

والحديث دليل على أنه يجب غسل ما ولغ فيه الكلب سبع مرات، وفي الحديث الآخر: (أولاهن في التراب)، وفي رواية: (إحداهن بالتراب)، وفي بعضها: (وعفروه الثامنة بالتراب) وهو دليل على أن إحدى الغسلات يكون فيها التراب، والأولى أن تكون الأولى؛ حتى يزيل أثر التراب ما بعدها من الغسلات.

فهذا حكم ولوغه، أما بوله فأشد؛ لأن الكلب كله نجس، لكن إذا مس المرء الكلب وهو جاف فلا يؤثر ذلك عليه، لكن إذا كان رطباً فلابد من غسل اليد، وكذلك إذا كانت اليد فيها رطوبة، لكن السبع المرات في غسل الإناء من ولوغه.

وبعض العلماء - كالحنابلة وغيرهم - ذهبوا إلى قياس الخنزير على الكلب فقالوا بغسل الإناء من ولوغه سبع مرات، لكن ليس القياس بظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>