للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح الأحاديث الواردة في الوضوء مما مست النار]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب الوضوء مما غيرت النار.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا إسماعيل وعبد الرزاق قالا: حدثنا معمر عن الزهري عن عمر بن عبد العزيز عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (توضئوا مما مست النار).

حدثنا هشام بن عبد الملك قال: حدثنا محمد -يعني ابن حرب - قال: حدثني الزبيدي عن الزهري أن عمر بن عبد العزيز أخبره أن عبد الله بن قارظ أخبره أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (توضئوا مما مست النار).

أخبرنا الربيع بن سليمان قال: حدثنا إسحاق بن بكر -وهو ابن مضر - قال: حدثني أبي عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن محمد بن مسلم عن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن إبراهيم بن قارظ قال: (رأيت أبا هريرة رضي الله عنه يتوضأ على ظهر المسجد، فقال: أكلت أثوار أقط فتوضأت منها، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالوضوء مما مست النار).

أخبرنا إبراهيم بن يعقوب قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثنا أبي عن حسين المعلم قال: حدثني يحيى بن أبي كثير عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي أنه سمع المطلب بن عبد الله بن حنطب يقول: قال ابن عباس رضي الله عنهما: (أتوضأ من طعام أجده في كتاب الله حلالاً لأن النار مسته؟! فجمع أبو هريرة حصى فقال: أشهد عدد هذا الحصى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: توضئوا مما مست النار).

أخبرنا محمد بن بشار قال: حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة عن عبد الله بن عمرو عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (توضئوا مما مست النار).

أخبرنا عمرو بن علي ومحمد بن بشار قالا: أنبأنا ابن أبي عدي عن شعبة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة عن عبد الله بن عمرو قال محمد القاري عن أبي أيوب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (توضئوا مما غيرت النار).

أخبرنا عبيد الله بن سعيد وهارون بن عبد الله قالا: حدثنا حرمي -وهو ابن عمارة بن أبي حفصة - قال: حدثنا شعبة عن عمرو بن دينار قال: سمعت يحيى بن جعدة يحدث عن عبد الله بن عمرو القاري عن أبي طلحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (توضئوا مما غيرت النار).

أخبرنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا حرمي بن عمارة قال: حدثنا شعبة عن أبي بكر بن حفص عن ابن شهاب عن ابن أبي طلحة عن أبي طلحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (توضئوا مما أنضجت النار).

أخبرنا هشام بن عبد الملك قال: حدثنا محمد قال: حدثنا الزبيدي قال: أخبرني الزهري أن عبد الملك بن أبي بكر أخبره أن خارجة بن زيد بن ثابت أخبره أن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (توضئوا مما مست النار).

أخبرنا هشام بن عبد الملك قال: حدثنا ابن حرب قال: حدثنا الزبيدي عن الزهري أن أبا سلمة بن عبد الرحمن أخبره عن أبي سفيان بن سعيد بن الأخنس بن شريق أنه أخبره أنه دخل على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي خالته، فسقته سويقاً، ثم قالت له: توضأ يا ابن أختي؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (توضئوا مما مست النار).

أخبرنا الربيع بن سليمان بن داود قال: حدثنا إسحاق بن بكر بن مضر قال: حدثني بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن محمد بن مسلم بن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سفيان بن سعيد بن الأخنس أن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت له وشرب سويقاً: يا ابن أختي! توضأ؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (توضئوا مما مست النار)].

هذه الأحاديث فيها دليل على الوضوء مما مست النار، والمؤلف رحمه الله كان عنده نشاط، حيث أتى بهذه الطرق المتعددة على طريقة الإمام مسلم رحمه الله، كما أنه يعدد التراجم على طريقة البخاري، فاستفاد من طريقة البخاري واستفاد من طريقة مسلم، حيث يعدد الطرق على طريقة مسلم، ويكثر من التراجم على طريقة البخاري رحمهم الله تعالى.

وهذه الأحاديث فيها الأمر بالوضوء مما مست النار، وهذا كان في أول الإسلام، حيث كانوا مأمورين بالوضوء مما مست النار، ثم بعد ذلك نسخ هذا الأمر، فإما أنه نسخ بالمرة، وإما أنه نسخ الوجوب وبقي الاستحباب.

وسيذكر المؤلف الأحاديث الناسخة أو الأحاديث التي رفعت الوجوب في الباب الذي بعده، ومن ذلك حديث جابر: (كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار)، ومن ذلك: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل كتف الشاة ثم دعي إلى الصلاة فقام ولم يتوضأ).

وكانوا في أول الإسلام يتوضئون مما مست النار، ولذلك أكل أبو هريرة الأثوار من الأقط؛ لأنه يجعل في النار فيكون قطعاً، ثم توضأ منه.

وكذلك أم حبيبة أمرت من أكل سويقاً أن يتوضأ، والسويق هو حب الحنطة الملتوت، فكل ما مست النار يتوضأ منه، وكان هذا واجباً في أول الإسلام، ثم نسخ الوجوب، وبقي الاستحباب عند جمع من أهل العلم.

وقال آخرون: لا يستحب الوضوء من ذلك.

والصحيح أن الاستحباب باقٍ، فيستحب للإنسان أن يتوضأ، ويدل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: (أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت.

ولما سئل: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم) فقوله: (إن شئت) يدل على أنه لا بأس بالوضوء، لكنه ليس بالواجب إلا من لحم الإبل، فلحم الإبل يجب الوضوء منه، سواء أكل نيئاً أو مطبوخاً؛ للأحاديث الصريحة في هذا، كحديث جابر وحديث سمرة: (توضئوا من لحوم الإبل، ولا تتوضئوا من لحوم الغنم).

ولما سئل صلى الله عليه وسلم: (أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم)، فلحم الإبل يجب الوضوء من أكله سواء أكان نيئاً أم مطبوخاً، أما ما عداه فإنه لا يجب الوضوء منه ولكن يستحب، فإذا أكل شيئاً مطبوخاً استحب له أن يتوضأ، وإذا توضأ فلا حرج.

وقال قوم: إن الوضوء قد نسخ، ولا يستحب بعد ذلك.

وليعلم أنه لا يجب الوضوء إلا من لحم الإبل، وأما المرق واللبن فلا يجب الوضوء منه، فإذا شرب المرء مرقاً من لحم الإبل أو شرب لبناً من لبن الإبل فإنه لا يجب عليه الوضوء.

<<  <  ج: ص:  >  >>