للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما يجب على من أتى حليلته في حال حيضتها بعد علمه بنهي الله عز وجل عن وطئها]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب ما يجب على من أتى حليلته في حال حيضتها بعد علمه بنهي الله عز وجل عن وطئها.

أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا شعبة عن الحكم عن عبد الحميد عن مقسم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: (في الرجل يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار أو بنصف دينار).

وهذا الحديث أخرجه الخمسة: أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد، وهو من أحاديث البلوغ، وصححه الحاكم وابن القطان كما قال الحافظ، ورجح غيرهما وقفه، لكن من وصل ورفع مقدم على من قطع ووقف، لأن معه زيادة علم خفيت على غيره.

وهذا الحديث اختلف العلماء في صحته، والصواب: أنه صحيح، وهو ظاهر ترجمة النسائي رحمه الله؛ لأنه احتج به وترجم بهذه الترجمة، باب: ما يجب على من أتى حليلته يعني: زوجته.

في حال حيضتها بعد علمه بنهي الله عز وجل عن وطئها، والحديث يدل على أنه يجب عليه أن يتصدق بدينار أو بنصف دينار، وبعضهم قال: التخيير بالدينار ونصف الدينار له نظائر كالتخيير في كفارة اليمين، فكفارة اليمين يخير بين العتق والإطعام والكسوة، وكذلك التخيير فيمن حلق رأسه وهو محرم، يخير بين الصيام والصدقة والنسك، قال تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:١٩٦].

وذكر ابن القيم رحمه الله هذا الحديث في إعلام الموقعين وأطال الكلام عليه وقال: إنه موافق لما استقر في الشريعة بأن من فعل محرماً مؤقتاً فعليه الكفارة، فمن جامع في نهار رمضان أو فعل محظوراً من محظورات الإحرام فعليه كفارة، بخلاف من فعل محرماً مؤبداً كالزنا فليس عليه كفارة بل عليه التوبة وإقامة الحد.

وعلى هذا فيكون الحديث دليلاً على أن من جامع زوجته في حال الإحرام بعد العلم كما قيد النسائي فإن عليه الكفارة مع التوبة، والكفارة يخير فيها بين الدينار ونصف الدينار، كما في هذا الحديث قال: (يتصدق بدينار أو بنصف دينار) , والدينار: مثقال من الذهب, وهو أربعة أسهم من سبعة من الجنيه السعودي، ونصف الدينار سهمان من سبعة أسهم من الجنيه السعودي، فإذا كان الجنيه السعودي سبعين ريالاً فالدينار أربعون ريالاً، ونصف الدينار عشرون، وإذا كان الجنية مثلاً: سبعمائة نقول: عليه أربعمائة، يتصدق بأربعمائة أو بمائتين، والجنيه السعودي ديناران إلا ربع دينار، والدينار مثقال، والجنيه مثقالان إلا ربع مثقال.

فالمقصود أنها أربعة أسهم من سبعة أسهم من قيمة الجنيه السعودي، هذا الدينار، ونصف الدينار سهمان, تقسم الجنيه على سبعة، ويكون الدينار أربعة أسهم، ونصف الدينار سهمان.

والصواب: أن الحديث ثابت ولا بأس بسنده، وابن القيم رحمه الله أطال الكلام على الحديث وبين أنه موافق لما استقر في الشريعة.

وبعض العلماء طعن فيه ولم يصححه، وقال: إنه وقفه بعض العلماء ولم يصله، وبعضهم وقفه ولم يرفعه، كذلك أيضاً طعن في التخيير بين الدينار ونصف الدينار ولكن هذا لا أصل له، والصواب: أنه لا بأس بسنده، وأن على من جامع الكفارة مع التوبة، يكفر بدينار أو نصف دينار، بأربعة أسهم من قيمة الجنية أو بسهمين، يخير، وبعض العلماء فرق وقال: إذا كانت في فور حيضتها دينار، وإذا كانت في آخر الدم نصف دينار لكن لا وجه له، فالصواب: أن الحكم واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>