للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما ذكر في مضاجعة الحائض]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب مضاجعة الحائض.

أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد حدثنا هشام (ح) وأخبرنا عبيد الله بن سعيد وإسحاق بن إبراهيم قالا: حدثنا معاذ بن هشام واللفظ له قال: حدثني أبي عن يحيى حدثنا أبو سلمة أن زينب بنت أبي سلمة حدثته أن أم سلمة حدثتها قالت: (بينما أنا مضطجعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخميلة إذ حضت فانسللت فأخذت ثياب حيضتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنفستِ؟ قلت: نعم.

فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة).

هذا الحديث فيه بيان جواز مضاجعة الحائض والنوم معها في الثوب الواحد والشعار الواحد، وأن الزوج له أن يراجع امرأته ولو كانت حائضاً، ولو تنام معه في ثوب واحد في الشعار الواحد، والشعار: هو الذي يلي الجسد، وأن يمس جسده جسدها، ولا حرج في جواز مس بشرته بشرة زوجته الحائض وصدره صدرها، وذلك أن بدن الحائض وعرقها ولعابها طاهر، والنجاسة إنما هي نجاسة الدم، وإذا أصاب الزوج شيئاً من الدم فإنه يغسله.

وروي: حِيضتي وحَيْضتي.

قال بعضهم: حَيْضَة بالفتح أفصح، والخميلة: القطيفة، وهو ما يلتحف به الإنسان، يشبه البطانية.

قال: [أخبرنا محمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن جابر بن صبح قال: سمعت خلاساً يحدث عن عائشة قالت: (كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نبيت في الشعار الواحد وأنا طامث أو حائض، فإن أصابه مِنِّي شيء غسل مكانه ولم يعده وصلى فيه، ثم يعود فإن أصابه مِنِّي شيء فعل مثل ذلك ولم يعده وصلى فيه).

وهذا كما سبق فيه جواز نوم الزوج مع زوجته الحائض والبيتوتة، وأنها تبيت معه في شعار واحد، والشعار: هو الثوب الذي يلي الجسد، وأنه لا يجعل بينه وبينها حائل، ولهذا قالت عائشة: (كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نبيت في الشعار الواحد وأنا طامث أو حائض - والطامث هي الحائض - فإن أصابه مني شيء - يعني شيئاً من الدم - غسل مكانه ولم يعده) يعني: لا يزيد على المكان الذي أصابه الدم.

قالت: (ثم يعود فإن أصابه شيء فعل مثل ذلك ولم يعده وصلى فيه) وهذا فيه تيسيره عليه الصلاة والسلام، وعدم التشديد في الأمر، فالمرأة الحائض طاهر بدنها وعرقها ولعابها، ولها أن تتولى جميع الأعمال تأكل وتشرب وتطبخ وتعجن وتخبز، وتعمل جميع الأعمال، كما سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعرق العرق وتتعرق عائشة منه فيضع فمه مكان فمها، وإذا شربت كذلك شرب من الموضع الذي شربت فيه، وهذا فيه حسن خلقه عليه الصلاة والسلام وإيناسه لأهله.

وفيه دليل على التيسير في الأمر، وكان اليهود يشددون في الأمر، فكان اليهود إذا حاضت المرأة سجنوها ولم يجامعوها في البيوت، يجعلونها في غرفة مستقلة ولم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يضاجعوها، وهذا تشديد، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمخالفتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>