للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث اغتسال النبي عليه الصلاة والسلام يوم الفتح وفاطمة تستره بثوب]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم عن عبد الرحمن عن مالك عن سالم عن أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب عن أم هانئ رضي الله عنها: (أنها ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، فوجدته يغتسل وفاطمة تستره بثوب، فسلمت، فقال: من هذه؟ قلت: أم هانئ، فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات في ثوب ملتحفاً به)].

هذا الحديث مخرج في الصحيحين، وفيه مشروعية الاستتار عند الاغتسال ووجوبه، وفيه جواز سلام المرأة على الرجل إذا لم يكن هناك ريبة، فـ أم هانئ سلمت على رسول الله، أما قول الشارح أنه يحتمل أنها سلمت على فاطمة فليس بوجيه، فلا بأس بالسلام إذا لم يكن هناك ريبة، أما إذا كانت هناك ريبة فلا، وقوله: (سلمت، فقال: من هذه؟ فقالت: أم هانئ) يعني: الإنسان إذا قيل له: من؟ فليسم نفسه ويقول: فلان ابن فلان، أما أن يقول: أنا، فهذا جاء فيه الكراهة؛ وذلك: (أن جابراً لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من؟ قال: أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أنا! كأنه كره ذلك)؛ لأنها لا تفيد التعريف، لكن إذا قيل: من؟ فليقال: فلان، أو أبو فلان، أما أن يقول: أنا، فهذا ليس تعريفاً.

وفيه جواز الصلاة بالثوب الواحد، أو القطعة الواحدة مثل الشرشف فيجوز أن يصلى فيه، فإن كان ضيقاً ائتزر به، وإن كان واسعاً التحف به وجعل طرفيه على كتفيه.

وفيه مشروعية صلاة الضحى، وقال بعضهم: إنها صلاة الفتح، واحتج النووي بهذا على أن أكثر صلاة الضحى ثمان ركعات، والصواب أنه لا حد لأكثرها.

فإن قيل: وهل يؤخذ من حديث أم هانئ جواز رد السلام بلفظ (مرحباً)؟ قلنا: إنما كان ذلك بعد السلام، فلما رد عليها السلام، قال: (مرحباً بـ أم هانئ).

وفيه أن ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم ولو كانت امرأة، فإذا أمنت امرأة أحد فإنه يؤمن، ففي رواية لـ مسلم: (أنها قالت: يا رسول الله! ابن أمي زعم أنه قاتل رجلاً قد أجرته، فقال: قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ!)؛ لأن الرجل كافراً، وعلي رضي الله عنه أخوها، أراد أن يقتله، فشكت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأثبت إجارته وأمانه وقال: (قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ).

<<  <  ج: ص:  >  >>