للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث: (أخذ رسول الله بطرف ردائه فبصق فيه)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب البزاق يصيب الثوب.

أخبرنا علي بن حجر قال: حدثنا إسماعيل عن حميد عن أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ طرف ردائه فبصق فيه فرد بعضه على بعض)].

أخبرنا محمد بن بشار عن محمد قال: حدثنا شعبة قال: سمعت القاسم بن مهران يحدث عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا صلى أحدكم فلا يبزق بين يديه ولا عن يمينه، ولكن عن يساره أو تحت قدمه، وإلا: فبزق النبي صلى الله عليه وسلم هكذا في ثوبه ودلكه)].

هذا مما أخرجه الشيخان في الصحيح، وهو يدل على طهارة البزاق؛ ولهذا أجاز النبي صلى الله عليه وسلم للإنسان أن يبزق في ثوبه، ولو كان نجساً لما أجاز له ذلك، وفيه دليل على أن الإنسان إذا صار به بزاق، فإنه يبزق في ثوبه أو في منديل إذا كان في المسجد، فإن كان في الصحراء فله أن يبزق عن يساره أو تحت قدمه وليس له أن يبزق بين يديه ولا عن يمينه.

فلا يبزق بين يديه؛ لأنه وجاء في الحديث: (إذا صلى أحدكم فإن الله قبل وجهه، فلا يبصقن قبل وجهه ولا عن يمينه) وجاء في اللفظ الآخر: أن عن يمينه ملكاً، فإذا أصاب الإنسان بزاقاً وهو في المسجد فيبزق في ثوبه أو في منديل، ويرد بعضه على بعض، ولهذا قال النبي: أو يقول هكذا، أي: يرد بعضه على بعض، فكان الناس هكذا يبزقون قبل أن توجد مناديل.

والله تعالى فوق العرش، وهو وإن كان كذلك فهو أمام المصلي، ولا يبزق عن يمينه؛ لأن الملك عن يمينه، فما بقي له إلا أن يبزق عن يساره أو تحت قدمه، هذا في الصحراء، وأما في المسجد، فلا يبزق إلا في ثوبه.

وجاء في الحديث الآخر: (وهو يصلي) أي: إنما النهي في الصلاة، وقال بعضهم: النهي حتى يشمل غير الصلاة، والحديث عام، لكن جاء في بعض الأحاديث تقييده بالصلاة، كحديث: (إذا قام أحكم يصلي فإنه يناجي ربه فلا يبصقن أمامه ولا عن يمينه) والمطلق يحمل على المقيد، لكن إذا احتاط حتى في غير الصلاة فحسن.

والأقرب: أنه -أي النهي- يخص في الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>