السلامة من أسباب الفسق، فإذا كان الراوي فاسقاً، مرتكباً للكبائر أو مصراً على الصغائر والمجاهرة بها، حكمنا عليه بأنه فاسق، فلو تاب منها قُبلت روايته على أرجح الأقوال.
فإذا كانت الكبيرة شركاً كفر الراوي، وإن كانت غير شرك لم يكفر بها، وقد اختلفت الفرق في مرتكب الكبيرة اختلافاً عظيماً، وهذه المسألة مما تميز بها أهل السنة والجماعة عن بقية الفرق، فقالوا: مرتكب الكبيرة إن أقيم عليه الحد كان كفارة له في الدنيا والآخرة، بمعنى: قبول توبته في الدنيا والمغفرة له في الآخرة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(الحدود كفارات لأهلها)، بمعنى: أنها تمحو عنه تلك الخطيئة وهذا الذنب.
وأما إذا لم يُقم عليه الحد في الدنيا فإن تاب منها بينه وبين الله تاب الله عليه، وإن لم يتب منها فهو في مشيئة الله تعالى إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له.
وهذا هو معتقد أهل السنة في مرتكب الكبيرة.
وكل من ارتكب حراماً مستحلاً له وهو عالم بالحرمة فهو كافر.
وإن كان الراوي مرتكباً للصغائر مصراً عليها ومجاهراً بها ردت روايته تأديباً له، ولا شك أن شرب السجائر وحلق اللحية وغير ذلك أمور مفسقة لصاحبها.
ويتفرع عن مسألة السلامة من الفسق الابتداع، والابتداع منه ما هو مكفّر، ومنه ما هو مفسِّق.
فالبدعة إذا كانت مكفّرة لصاحبها كغلاة الروافض والشيعة وغير ذلك ردت رواية مرتكبها، وأما إذا كانت غير مكفّرة فتقبل رواية صاحبها بشروط: الشرط الأول: ألا يكون غالياً في بدعته، وهذا احتراز من الصنف الأول من البدعة.
الشرط الثاني: ألا يكون داعياً إلى بدعته، أي: ألا تكون الرواية التي رواها تخدم وتؤيد بدعته.