فمثال الشذوذ في السند: ما رواه الترمذي من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عوسجة عن ابن عباس: (أن رجلاً توفي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدع وارثاً إلا مولى له هو أعتقه، فقال عليه الصلاة والسلام: هل له أحد؟ قالوا: لا، إلا غلام أعتقه، فجعل صلى الله عليه وسلم ميراثه له).
فهذا الحديث تابع ابن عيينة فيه ابن جريج وغيره عن عوسجة ولكنهم لم يذكروا ابن عباس.
فالمخالفة والشذوذ هنا في السند، بذكر ابن عباس في طريق ابن عيينة، وأما في طريق ابن جريج وغيره فلم يذكروا ابن عباس، وإنما رووه مرسلاً عن عوسجة، فهذه مخالفة شاذة من النوع الثاني، وهي مخالفة الثقة لمجموع الثقات.
قال أبو حاتم: المحفوظ حديث ابن عيينة، وتكون رواية حماد بن زيد من الحديث الشاذ، حيث إنه خالف من هو أولى منه، فـ حماد بن زيد من أهل العدالة والضبط، ومع ذلك رجّح أبو حاتم رواية من هم أكثر عدداً كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله.
والذي لا يأخذ بحديث الثقات على اعتبار أنهم غير معصومين وأن الخطأ جائز في حقهم، نقول له: ونحن كذلك لا نأخذ بقولك هذا؛ لأنك فرد وجائز عليك الخطأ والوهم، فنرد عليه بمثل منطقه تماماً.