[تعريف الخطابي للحديث الحسن]
قال الخطابي: هو ما عُرف مخرجه واشتهر رجاله، وعليه مدار أكثر الحديث، وهو الذي يقبله أكثر العلماء، ويستعمله عامة الفقهاء.
فقوله: هو ما عُرف مخرجه، هذا الكلام يشترك فيه الصحيح والضعيف مع الحسن؛ لأن الصحيح أيضاً هو ما عُرف مخرجه، والضعيف كذلك أيضاً ما عُرف مخرجه، فالأول ما عُرف مخرجه بالصحة، والثاني ما عُرف مخرجه بالضعف.
فهذا الكلام غير جامع؛ لأنه يجمع الحسن مع الصحيح والضعيف، وغير مانع من دخول غير الحسن فيه.
فهذه الجزئية من التعريف فيها نظر.
وإذا كان قتادة يروي عن البصريين استقام حديثه، فروايته معروفة عن البصريين، وإذا روى عن غيرهم كان حديثه معلولاً.
والعبادلة إذا رووا عن ابن لهيعة كان حديثهم مستقيماً؛ لأنه معروف المخرج.
ثم قال: واشتهر رجاله، ولم يقل: واشتهر رجاله بالتوثيق، ولا بالعدالة، ولا بالضعف، ولا بالصدق والأمانة، فهذه الجزئية أيضاً جزئية عامة؛ لأن الحديث الصحيح اشتهر رجاله أيضاً، كما أن الحديث الضعيف أيضاً اشتهر رجاله.
يقول: وعليه مدار أكثر الحديث، أي: أن معظم السنة تدور على هذا النوع من الحديث، وهو الحديث الحسن.
وهذا مما ينازع فيه؛ إذ لم لا يكون مدار السنة على الحديث الصحيح؟ ثم يقول: وهو الذي يقبله أكثر العلماء، ويستعمله عامة الفقهاء.
وهذا الكلام أيضاً ينطبق على الحديث الصحيح.
فهذا التعريف عليه انتقادات شتى.
فقوله: وعليه مدار أكثر الحديث، يعني: أن الأحاديث التي صحت اتفاقاً قليلة جداً، ومعظم الأحاديث المعمول بها في العقائد والأحكام من قبيل الحديث الحسن.
يقول الحافظ: فإن كان المعرّف هو قوله: ما عُرف مخرجه واشتهر رجاله فالحديث الصحيح كذلك، بل والضعيف، وإن كان بقية الكلام من تمام الحد فإنا ننازعه بقوله: ما عُرف مخرجه واشتهر رجاله.
وليس هذا الذي ذكره الخطابي مسلماً له من أن أكثر الحديث من قبيل الحسن، ولا هو الذي يقبله أكثر العلماء ويستعمله عامة الفقهاء.