يقول: وكان يستعمل الصحابة طريق النقد للحديث -أي: مسألة نقد الحديث- بعرضه على كتاب الله تعالى، فكانوا يأخذون الحديث فيعرضونه على كتاب الله، ونصوص آياته المحكمة، وقد كانوا يردون بعض الروايات إن خالفت نصاً من القرآن الكريم، ومثال ذلك ما فعله عمر رضي الله عنه في رد رواية فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها ثلاثاً، فلم يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لها سكنى ولا نفقة بقوله: لا نترك كتاب الله ولا سنة نبينا لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت.
فالله عز وجل جعل لها السكنى والنفقة في قوله:{لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}[الطلاق:١].
ومنه قول عائشة رضي الله عنها حينما سمعت حديث عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعذيب الميت ببكاء أهله عليه، قالت:(رحم الله عمر، والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يعذّب المؤمن ببكاء أحد، ولكن قال: إن الله يزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه).
وإن كانت المسألة فيها كلام آخر، لعله لا يخفى على الجميع.
وأعداء الإسلام في الطعن يطعنون في أبي هريرة، ويقولون: إنه كان يأتي بهذه الأحاديث من عنده، وأنه كان يختلقها ويصنعها ويكذب فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويستدلون على ذلك بأنه كان يخاف من الرواية من عمر، فلما مات عمر لم يكن هناك أي داع من الخوف، فانطلق يكذب على رسول الله هنا وهناك.