ومن أمثلة الشذوذ في المتن: ما رواه أبو داود والترمذي من حديث عبد الواحد بن زياد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً (إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع عن يمينه).
وهذا الحديث قولي وليس فعلياً، ففيه:(إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع عن يمينه).
وخولف عبد الواحد بن زياد في ذلك.
قال البيهقي: خالف عبد الواحد العدد الكثير في هذا، فإن الناس إنما رووه من فعل النبي عليه الصلاة والسلام لا من قوله، وانفرد عبد الواحد من بين ثقات أصحاب الأعمش بهذا اللفظ، فمتن هذا الحديث شاذ، أي: أن عبد الواحد -وهو ثقة- تفرد بروايته من قول النبي صلى الله عليه وسلم مخالفاً العدد الكثير الذين رووه من فعله صلى الله عليه وسلم، وقد قالت عائشة رضي الله عنها:(كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع عن يمينه).
فـ عائشة تحكي فعل النبي عليه الصلاة والسلام.
فلو كان هذا الحديث من قول النبي عليه الصلاة والسلام لاختلف عما إذا كان من فعله، ومعلوم الفرق بين الحديث القولي والحديث الفعلي.
فالحديث القولي أمر موجه للأمة لا يجوز لأحد التخلف عنه إلا إذا ثبت أنه منسوخ أو غير ذلك.
وقد أخذ بهذا الحديث ابن حزم وقال: من لم يضطجع بعد ركعتي الفجر فليست صلاته -أي الفجر- بصحيحة، وهذا ليس له علاقة بصحة الصلاة وغيرها؛ فكلام ابن حزم بعيد؛ لأن شروط صحة الصلاة هي: استقبال القبلة، والنية، وطهارة الملبس، طهارة المكان، وكذا، وأما الاضطجاع فليس من شروط صحة الصلاة، ولكن ابن حزم أدخله في صلاة الفجر بالذات، وقال: من لم يضطجع فليست صلاته صحيحة، وهذا الكلام مردود وشاذ؛ لأنه خالف به جمهور الناس.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وصلِّ اللهم على النبي محمد، وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.