وهذه الخمس الطبقات كالآتي: الطبقة الأولى من المدلسين: قوم دلّسوا حديثاً أو حديثين فيُحتمل تدليسهم؛ لأنهم من الأئمة الكبار الحفاظ المكثرين في الرواية.
والطبقة الثانية: قوم أخرج لهم البخاري ومسلم في صحيحيهما، كـ سفيان الثوري، ولكن تدليسهم كان يسيراً بجوار ما رووه من أحاديث كثيرة، وقوم لم يكونوا يدلسون إلا عن ثقات، كـ سفيان بن عيينة، فاحتمل الأئمة تدليسهم لجلالتهم وفضلهم وزيادة ووفرة علمهم.
وهذا هو الذي كانوا يسمونه الإرسال، ولم يكونوا يشترطون ذكر الشيخ، وهو مقبول مطلقاً؛ لأنه لا يدلس إلا عن ثقة؛ لأنهم كان يعتبرونه مجرد إرسال، ولم ينووا به التدليس، فهم لا يضرهم ذكر الشيخ؛ لأنه ثقة.
الطبقة الثالثة من طبقات المدلسين -وهذا هو بيت القصيد في الطبقات الخمس-: قوم اشتهروا بالتدليس، ولكنهم ثقات.
فهم مشهورون بالتدليس، أي: أن الأصل فيهم التدليس، ولكنهم ثقات.
فإذا صرّح الراوي بالسماع قُبل حديثه، وإذا روى بصيغة تحتمل السماع رد حديثه حتى يبيّن السماع.
فلو قال: حدثني فلان، أو سمعت فلاناً، أو أخبرني فلان، أو أنبأني فلان؛ فهذه الصيغة تفيد السماع فتقبل الرواية بها، ولو قال: عن فلان أو قال فلان فهي محتملة للسماع، وهي من صيغ التدليس.
الطبقة الرابعة من طبقات المدلسين: قوم عُرفوا بالتدليس حتى كان التدليس أصل روايتهم، ولم يكونوا يصرّحون بالسماع، وكانوا مع ذلك متهمون بتهم أخرى أو معلولون بعلل أخرى.
الطبقة الخامسة: قوم ضعاف ومدلسون في الوقت نفسه، فلو صرّح بالسماع فهو ضعيف، ولو لم يصرّح لبقي ضعيفاً ومدلساً، فهو في الحالتين مردود الرواية.