والمشهور غير الاصطلاحي: هو ما اشتهر بين الناس سواء توفرت فيه الشروط أو لم تتوفر، مثل حديث (أبغض الحلال إلى الله الطلاق).
فهذا الحديث روي من أكثر من وجه، وهو حديث ضعيف في الجملة بجميع طرقه، وإن صححه الحاكم واعتمد تصحيحه الذهبي ولكنهما خولفا، فهذا الحديث حديث ضعيف ومتنه في غاية النكارة؛ لأن الله تعالى ما كان ليحل أمراً ثم ينكره أو يبغضه، فالحلال يحبه الله، والحرام يبغضه الله، فلما كان الطلاق حلالاً من عند الله ما كان ينبغي أن يكون هذا الحلال مبغّضاً ولا مكروهاً عند الله.
وهذا الحديث مشهور عند الفقهاء.
وهناك حديث مشهور عند النحاة يذكرونه في أساليب المدح والذم، وهو:(نِعم العبد صهيب لو لم يخش الله لم يتقه).
وهذا الحديث لا أصل له البتة في كتب السنة، ولكنه مشهور عند النحاة.
ومثل حديث:(المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)، فهو حديث مشهور جداً، وكل الناس يحفظونه، وهو حديث صحيح رواه البخاري ومسلم، ولكنه لم تتوفر فيه شروط الحديث المشهور اصطلاحاً في إسناده؛ لأن الحديث يمكن أن يكون عزيزاً صحيحاً، أو غريباً صحيحاً، ولا يستلزم من كونه صحيحاً أن يكون مشهوراً، فربما يكون الحديث مشهوراً ضعيفاً أو موضوعاً، ويمكن أن يكون الحديث الغريب في أعلى درجات الصحة، كحديث:(إنما الأعمال بالنيات).
فلا يلزم من الشهرة الصحة، كما لا يلزم من الغرابة الضعف.
والأمر متعلق باجتهاد أهل العلم ومدى استنباطهم لإفادة الحديث أو عدم إفادته.
والحديث إذا لم يكن في رواته من اتهم بالكذب لا نقول: إنه مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ليس في الرواة من يتهم بهذه التهمة، ولكن الحديث لا يرد لأجل الكذب فقط، بل يرد لأجل الوهم والنسيان والخطأ وغير ذلك، فربما يهم أو ينسي أو يخطئ فيه بعض الرواة.