المعلقات في الصحيحين تختلف عن المعلقات في غيرها، فمنها ما يروى بصيغة الجزم، ومنها ما يروى بصيغة التمريض.
فصيغة الجزم تشعر بثبوت الكلام عن قائله، كأن يقول: قال فلان، وذَكَر فلان، وقال لي فلان، وحكى فلان، أي: القطع بثبوت هذا الكلام عن قائله.
وأما صيغة التمريض فكأن يقول: يروى عن فلان، أو يحكى عن فلان، أو يُذكر عن فلان.
وصيغ التمريض يعبر عنها لغة بالبناء للمجهول، أما البناء للمعلوم فهو الذي يعبّر عنه بصيغة الجزم.
وصيغة التمريض مشعرة بضعف الكلام عن قائله على العموم، وأما صيغ الجزم فهي مشعرة بثبوت الكلام عن الذي نسب إليه.
والمعلقات في الصحيحين إما أن تكون بصيغة الجزم وإما أن تكون بصيغة التمريض.
فإن كانت بصيغة الجزم فهي حكم بصحة هذا الكلام عن قائله، والخلاف الدائر حول هذا النوع من المعلقات في الصحيحين إنما ينصب على توفر شروط الصحة المشترطة في الصحيحين، وليس في أصل صحة هذا الكلام.
فالمعلقات في الصحيحين إن كانت بصيغة الجزم فهي مشعرة بثبوت هذا الكلام عن قائله، ومع هذا ففيها إشكال، وهو أنها على غير شرط الاتصال وغير ذلك، وإن كانت في نفس الأمر صحيحة.
وأما ما روي بصيغة التمريض -كيروى، ويُذكر، ويُحكى- فينظر بعد ثبوت الإسناد له، أو إغلاقه بعد تعليقه؛ فإن كان الطريق بعد إغلاقه رجاله ثقات فلا شك أنه يحكم له بالصحة، وإن كان فيهم مجروح أو سقط ولم يعلم فلا شك أنه خاضع لقواعد المصطلح، فما كان صحيحاً فهو صحيح، وما كان حسناً فهو حسن، وما كان ضعيفاً فهو ضعيف.
ومن الناس من رد ونفى تماماً أن يكون في الصحيحين ضعيف، سواء كان في المسندات أو في المعلقات، وهذا من باب تبجيل الصحيحين تبجيلاً زائداً عن الحد، والأمر كله متعلق بمدى توفر قواعد الصحة والضعف وقواعد هذا الفن من أصول الحديث على إسناد ما، سواء كان هذا الإسناد في داخل الصحيحين أو في خارجهما.