القسم الأول: ما تواتر لفظه ومعناه، وهو المتواتر اللفظي.
وذلك مثل حديث:(من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)، وحديث حوض النبي صلى الله عليه وسلم، وأحاديث أخرى تواترت بلفظها، أي: أنها جاءت من طرق كثيرة كما ذكرنا في الشرط الأول والثاني من شروط الحديث المتواتر، وجاءت بلفظ واحد أو بألفاظ متعددة، ولكن معناها واحد، فإذا كان اللفظ الواحد قد روي من عدة طرق بلغت حد التواتر فهو المتواتر اللفظي، كحديث:(من كذب علي).
فهذا الحديث رواه أكثر من سبعين من الصحابة بلفظ:(من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار).
ثم أخذه عن السبعين عدد كثير، وعن العدد الكثير عدد أكثر، وعن العدد الأكثر عدد أكثر وأكثر، وفي كل طبقة تتأخر عن سابقتها يكون العدد فيها أكثر من سابقتها.
وإذا نظرنا إلى اللفظ الذي روي بهذا العدد لوجدناه لفظاً واحداً، فكل صحابي يرويه بلفظ:(من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)، وفي هذه الحالة أقول: إن هذا الحديث قد تواتر لفظه، أي: أن هذا اللفظ بعينه قد أتى من طرق كثيرة بلغت حد التواتر.
فالمتواتر اللفظي: هو ما تواتر لفظه ومعناه، وليس ما تواتر لفظه فقط؛ لأن المتواتر لفظاً لا بد وأن يتواتر معناه؛ لأن اللفظ يدل على معنى، فلما كان اللفظ متواتراً دل ذلك على أن المعنى أيضاً متواتر؛ لأن المعنى المستفاد من الطريق الأول هو المعنى المستفاد من الطريق رقم سبعين.
فإن اختلفت الألفاظ واستفيد منها معنى واحد فهو أيضاً متواتر لفظاً ومعنى؛ لأن الخلاف الوارد في الألفاظ لا يدل على أن هناك خلافاً كبيراً بحيث يتعدد المعنى أو يتجزأ، وإنما المعنى واحد.