وأما التقرير: فهو أن يرى الرسول صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة يعمل شيئاً ويسكت عنه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يسكت على باطل قط، فإذا رأى صحابياً يفعل فعلاً وسكت عليه نُسب هذا الفعل تقريراً إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لو لم يكن مباحاً أو جائزاً لأنكره النبي صلى الله عليه وسلم أشد الإنكار، فالنبي صلى الله عليه وسلم منزّه عن الباطل، فما فُعل أمامه أو قيل وهو يسمع فلم ينكر؛ دل على رضاه صلى الله عليه وسلم عنه، فينسب إليه من باب أنه سنة؛ لأنه رآه أو سمعه وأقره ولم يغيره، ولو كان باطلاً لغيره ولم يقره، وهذا كحديث لعب الحبشة، فقد جاء في حديث عائشة عند البخاري ومسلم: أن الحبشة كانوا يلعبون بالحراب في المسجد، فوقفت عائشة خلف النبي صلى الله عليه وسلم تنظر إليهم، وأسندت ذقنها على كتف النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم يسترها، ثم سألها: أما يكفيك؟ فقالت: لا، فانتظر حتى قالت: كفى يا رسول الله! ودخلت بيتها.
فهذا إقرار من النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الفعل؛ لأنه أقر عائشة في أن تنظر إلى الحبشة، وكذلك هو إقرار للحبشة بجواز اللعب داخل المسجد.