والصحيحان تلقتهما الأمة بالقبول على الإجمال دون التفصيل، فلا يتجرأ أن أحد على أن يتهجم على الصحيحين بالحكم على أحاديثهما؛ سواء المتصلة أو المعلقة بالضعف أو الصحة؛ لأن ولوج هذا الباب يؤدي إلى الطعن فيما هو أعلى من الصحيحين، ألا وهو القرآن.
وقد ولج هذا الباب بعض المعتزلة، فطعنوا في النهاية في القرآن الكريم.
والمعتزلة في زماننا هذا يرفضون أن يسمو أنفسهم معتزلة، مع أنهم عقلانيون (١٠٠%)، ومنهم من يقول: أنا أحكم على الحديث بالصحة إذا اتفق مع عقلي، فإذا قلنا له: أنت معتزلي؟ قال: لا.
وهو قد تحققت فيه أصول المعتزلة ولكنه يجهل المصطلح، ويجهل أنه معتزلي، وليس بلازم أن يقر أنه معتزلي، ولكن العبرة بأنه يتبنى أصولهم.
ومن أصول المعتزلة تقديم العقل على النقل الذي هو الكتاب والسنة، فالذي يدّعي أن هذا الحديث لا يتفق مع عقله فقبّح الله ذلك العقل، وإن كان عقل أعقل العقلاء، ولا شك أنه لو كان عاقلاً لما قال بهذا المبدأ، وما ضل كثير من علماء عصرنا إلا بسبب ضلال عقولهم! يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه.
وهذا نص من مئات النصوص الواردة عن السلف، فإعمال العقل في قبول الأخبار وردها ليس من منهج السلف، وإنما هو من منهج المعتزلة الذين ضلوا عن الصراط المستقيم.
والكلام على المعلقات فيه مباحث كثيرة وكلام كثير، يرجع فيه إلى كتب المصطلح كالباعث الحثيث، وتدريب الراوي، والألفيات وغير ذلك.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وصل اللهم على النبي محمد وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيراً.