النوع السادس: تدليس العطف، وهذا اشتهر به هشيم بن بشير.
هو: أن يصرّح الراوي المدلّس بالسماع من شيخ ويعطف عليه آخر لم يسمع منه هذا الحديث بعينه، وكان هشيم بن بشير متفنناً في هذا النوع من التدليس، حتى أنه تحدى تلاميذه في ليلة من الليالي وقال لهم: سأحدثكم هذه الليلة، فاحذروا وانتقوا لي الأحاديث التي أدلّس فيها، فمكث طوال الليل يحدثهم، حدثني فلان وفلان، حدثني فلان وفلان، حدثني فلان وفلان، حتى قرب الفجر فقال لهم: هل دلست عليكم؟ فقالوا: لا، إنك لم تدلس قط، فقال لهم: ما حدثتكم حديثاً إلا وقد دلّست فيه، فقالوا: وكيف ذلك؟ قال: ما قلت لكم فيه حدثني فلان فقد حدثني، وأما قولي وفلان فلم يحدثني.
أي: أنه عطف الثاني على الأول بحرف الواو، فكلمة وفلان اعتبرها فصلاً، وليست من باب التحديث، وهم حملوا العطف على التحديث، وهو اعتبر أن هذا العطف بداية إسناد جديد، فقال لهم: حدثني فلان وفلان، فالذي قال لهم فيه: حدثني فهو قد حدثه، والأصل إذا أراد العطف أن يقول: حدثني فلان وحدثني فلان، ولكنه لم يقل هكذا، فدل على أنه دلّس في الثاني.