للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: أن تنقيح المناط هو تهذيب العِلَّة وتعيينها، لا استخراجها، كما تقدَّم بيانه (١).

الثاني: أن هناك فرقاً بين تنقيح المناط وإلغاء الفارق، فتنقيح المناط لابدَّ فيه من تعيين العِلَّة، أما إلغاء الفارق فيُكْتَفَى فيه بإبطال الوصف الفارق بين الأصل والفرع وبيان أن لا مدخل له في التأثير، فبناء الفرق بين تنقيح المناط والسَّبْر والتقسيم على أن تنقيح المناط هو إلغاء الفارق دون تعيينٍ للعِلَّة لا يصح؛ لأن وظيفة المجتهد في تنقيح المناط هي تهذيب العِلَّة وتمييزها كما تقدَّم (٢).

الثالث: أن تنقيح المناط له صورتان (٣):

الصورة الأولى: أن يدل نصٌّ ظاهرٌ على التعليل بوصفٍ فَيُحْذَف خصوصه عن الاعتبار، ويُنَاطُ الحُكْم بالمعنى الأعِّم.

فهذه الصورة ليس فيها سَبْرٌ ولا تقسيم، وإنما يُكتفى فيها بحذف خصوص الوصف عن الاعتبار، وإناطة الحُكْم بالمعنى الأعمِّ.

الصورة الثانية: أن يقترن بالحُكْم أوصافٌ مذكورةٌ في النصِّ لا مدخل لها في العِلَّية فَتُحْذَف عن الاعتبار، ويُنَاطُ الحُكْم بالباقي.

فهذه الصورة وإن احِتيج فيها إلى السَّبْر والتقسيم إلا أنه غير منظورٍ إليه بالقصد الأصلي؛ لأن النظر متوجِّهٌ إلى تهذيب العِلَّة، وتعيينها من بين الأوصاف التي دلَّ عليها ظاهر النصِّ.

ولهذا قال ابن العطَّار: " -والفرق بين المسلك بهذا المعنى - أي: النوع الثاني من تنقيح المناط - ومسلك السَّبْر أن السَّبْر يجب فيه حصر الأوصاف الصالحة للعِلِّية، ثم إلغاؤها ما عدا ما ادُّعِيَّ عِلَّته، وتنقيح المناط بالمعنى المذكور إنما يُلاحَظ فيه الأوصاف التي دلَّ عليها ظاهر النصِّ، وإن كان


(١) ينظر: (٦٧).
(٢) ينظر: (١٠٠ - ١٠١).
(٣) ينظر: (٧١).

<<  <   >  >>