للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسمَّاه الآمدي (١) وابن الحاجب (٢) بـ: " الطَّرْد والعَكْس "، أي: مجموع الطَّرْد والعَكْس، فالطَّرْد: " يلزم من وجود الوصف وجود الحُكْم "، والعَكْس: يلزم من عدم الوصف عدم الحُكْم، والدوران هو مجموع ذلك (٣).

[المطلب الثاني: حجية مسلك الدوران.]

اختلف الأصوليون في إفادة الدوران للعِلِّيَّة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أنه يفيد العِلِّيَّة قطعاً.

ويُحْكَى هذا القول عن بعض المعتزلة (٤).

استدلوا على ذلك: بأن من تكرَّر دوران غضبه عن اسمٍ إذا ذُكِرَ له، وعدُم غضبه إذا لم يُذْكَرُ له، عُلِمَ قطعاً أن سبب غضبه ذِكْرُ ذلك الاسم، حتى إنَّ مَنْ لا أهلية فيه للنظر كالصبيان - مثلاً - إذا قصدوا إغضابه اتَّبعوه في الطرق ودعوه بذلك الاسم (٥).

وأجيب عنه: بأن النزاع إنما هو في حصول العلم بمجرَّدِه، وذلك فيما ذكرتم من المثال ممنوع، بل غايته حصول الظنِّ عنده، والظنِّ عند الدوران إنما هو مع غيره من التكرار (٦).

قال ابن السُّبْكي: " لعل من ادَّعى القطعَ فيه ممن يشترطُ ظهورَ المناسبةِ


(١) ينظر: الإحكام (٣/ ٣٧٤).
(٢) ينظر: مختصر ابن الحاجب (٢/ ١١٠٦).
(٣) ينظر: الإبهاج (٣/ ٨٦)، بيان المختصر للأصفهاني (٣/ ١٣٥).
(٤) ينظر: المحصول (٥/ ٢٠٧)، الإحكام للآمدي (٣/ ٣٧٤ - ٣٧٥)، نهاية الوصول (٨/ ٣٣٥٢)، نهاية السول (٤/ ١٢١)، البحر المحيط للزركشي (٥/ ٢٤٣)، شرح الكوكب المنير (٤/ ١٩٣).
وفي المعتمد (٢/ ١٠٣٧) ذكر " أن الحكم إذا وجد بوجود العِلَّة في الأصل وارتفع بارتفاعها غلب على الظن أنها مؤثرةٌ فيها "، وعليه فإن الدوران عند المعتزلة يفيد العِلِّية ظناً لا قطعاً، ولهذا يحكى القول بالقطع عن بعض المعتزلة.
(٥) ينظر: التقرير والتحبير (٣/ ١٩٩)، تيسير التحرير (٤/ ٥١)، فواتح الرحموت (٢/ ٣٥٥).
(٦) ينظر: المراجع السابقة.

<<  <   >  >>