للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنت دَعىٌّ نِيطَ في آل هاشم ... كما نِيطَ خلف الراكب القَدَحُ الفردُ

أي: كما عُلِّق القدح خلف الراكب (١).

والمناط: مصدرٌ ميميٌّ بمعنى اسم المكان، وهو موضع التعليق، أو مُتَعلَّق الشيء (٢).

وموضع التعليق أو المحَلُّ الذي عُلِّق عليه الشيء كما يكون حسيَّاً فإنه يكون -أيضاً- معنوياً (٣)، كما نحن بصدد البحث فيه، حيث أطلق الأصوليون (المناط) على مُتَعَلَّق الحُكْم، وهو العِلَّة الجامعة بين الأصل والفرع؛ لأن الحُكْم عُلِّق بالعِلَّة ورُبِطَ بها، فَسُمِّيَتْ (مناطاً) تشبيهاً بالمحسوس الذي تعلَّق بغيره (٤).

المطلب الثاني: تعريف المناط اصطلاحاً.

يُطْلَقُ لفظ " المناط " في اصطلاح الأصوليين على: عِلَّة الحُكْم؛ لأنه نِيطَ -أي: عُلِّق- الحُكْم بها.

و"المناط" و "العِلَّة": لفظان مترادفان لمدلولٍ واحدٍ في اصطلاح الأصوليين، فإذا أُطْلِقَ لفظ "المناط" فإنه يُرَادُ به "العِلَّة" في باب القياس، وكذا إذا أُطْلِقَ لفظ "العِلَّة" فإنه يُرَادُ به "المناط".

قال الحسَنُ العُكْبَري (٥): "ويُعنى بالعِلَّة: مناط الحُكْم" (٦).

وقال الغزالي: "اعلم أنا نعني بالعِلَّة في الشرعيات: مناط الحُكْم، أي: ما أضافَ الشرعُ الحُكْمَ إليه ونَصَبَهُ علامةً عليه" (٧).


(١) ينظر: لسان العرب " مادة: ن وط " (١٤/ ٣٨٥).
(٢) ينظر: القاموس المحيط (٣/ ٤٠٤)، الكليات للكفوي (٤/ ٣٠٥) " مادة: ن وط ".
(٣) ينظر: حاشية العطار على شرح جمع الجوامع (٢/ ٣٣٧).
(٤) ينظر: المستصفى (٣/ ٤٨٥)، شرح تنقيح الفصول للقرافي (٣٨٨)، البحر المحيط للزركشي (٧/ ١٤٦).
(٥) هو: أبو علي الحسن بن شهاب بن الحسن العُكْبَري، فقيهٌ حنبلي، كان شديداً في الحق لا تأخذه في الله لومة لائم، برع في الفقه والأصول والعربية، من مؤلفاته: المبسوط في أصول الفقه، ورسالة في أصول الفقه (ط) وغيرهما، توفي في عُكْبَرا بالعراق سنة (٤٢٨ هـ).
ينظر ترجمته في: طبقات الحنابلة (٢/ ١٨٦)، سير أعلام النبلاء (١٧/ ٥٤٢)، الأعلام للزركلي (٢/ ١٩٣).
(٦) رسالة في أصول الفقه: (٧٩).
(٧) المستصفى: (٣/ ٤٨٥).

<<  <   >  >>